TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ما بعد التحرير

ما بعد التحرير

نشر في: 4 يناير, 2016: 09:01 م

استوقفتني تلك العبارة التي قالها وزير الدفاع خالد العبيدي ورددتها القنوات الفضائية كثيراً فالوزير الذي ظهر على التلفاز ليزف لنا نبأ تحرير مدينة الرمادي من داعش قال انه لم يجد بناية عالية ليضع عليها العلم العراقي اشارة منه الى تحول المدينة الى أنقاض وارض خالية من العمران ..ربما لاتجد تلك العبارة صدى لدى البعض ويتوقع البعض الاخر ان المرحلة المقبلة بعد التحرير هي إعادة الاعمار لكنها عبارة خطيرة جدا فالى متى سيظل العراقيون يعيدون إعمار بلادهم بدلا من تعميرها وماهي الاسباب التي حولت مدينة الرمادي الجميلة الى أنقاض ..أهي سياسة المالكي التي تعمدت الاقصاء والتهميش لتمنح أهلها ذريعة اللجوء الى الغرباء لنيل حقوقهم ؟..ام هي الثقة التي منحها أهل الرمادي لغرباء تخيلوا انهم سيكونون عونا لهم في استرداد ثقلهم السياسي؟
لقد علمنا التاريخ إن الغرباء حين يدخلون الى بلد ما فلابد ان لديهم اهداف وطموحات دفعتهم الى مغادرة بلدانهم واللجوء الى بلدان اخرى ...فهل كان لمقاتلي داعش نية مساعدة أهل الانبار دون مقابل ..هل دفعتهم العقيدة والنداء الاسلامي الى الوقوف معهم ؟...لقد اثبتت الايام ان الاسلام الذي ينادون به ليس الدين المتسامح الحنيف بل هو الاسلام السياسي الذي تحركه أطماع واجندات خارجية ، والاسلام لمن يعرفه جيدا دين وليس سياسة فهما على تضاد لأن الدين يعني التعاليم السمحاء والسعي الى الخير والصلاح والسياسة لعبة قذرة لايخوضها إلا من يكون على استعداد لبيع ضميره ومبادئه مقابل تحقيق أهدافه ..
إذن ،كان من المفروض ان يفقه أهل الرمادي اللعبة ويدركون ان النتيجة ستكون ماآلت اليه حالهم فبدلا من استحصال حقوقهم المشروعة تحولوا الى نازحين وفقدوا العديد من ابنائهم ومعهم الأمان والاستقرار وسبل العيش وشاهدوا مدينتهم وهي تتحول الى كومة أنقاض ..لكن اللوم لايقع عليهم وحدهم فمن يدفع بابنائه بعيدا عن احضانه يجب الا يستغرب بحثهم عن أحضان اخرى وحكومتنا استبعدت ابنائها وساومت على حياتهم فلم يجدوا لديها الحماية ..لقد تحوّلوا الى بضاعة رخيصة يتاجر بها تجار الدين والسياسة وهاهم ينتشرون في المدن وبعضهم مازال محتجزا في بزيبز وقد بلغ به الحال الى سد جوع عائلته بالاعشاب والادغال وعانى من البرد والمطر والامراض المعدية ...
تحررت الرمادي لكن اعادة اعمارها ليست يسيرة والمستفيد الاول والاخير فيها هم تجار البناء الذين ساعدتهم سياسية الميليشيات الطائفية على تدمير المدينة ،كما ان ماسيحدث على ارضها بعد عودة اهلها لها سيكون خطيرا جدا اذ ستكون مدينة يغيب فيها القانون وتتنافس جهات مختلفة على تولي مسؤولية حكمها فلم يعدهناك اتفاق بين العشائر التي اختلفت على تقبل دخول داعش وقد تحدث أفعال إنتقامية او فوضى سياسية ..
لابد اذن للحكومة اليوم وبعد تحرير الرمادي ان تحتضن أبنائها وتمد لهم يدا بيضاء وتمنحهم الثقة والامان ليكونوا عونا لها وتكون عونا لهم في استبعاد الغرباء واعادة الروح لمدينتهم المدمرة ..ولابأس ان يعاود العراقيون الاعمار بدل التعمير اذا كانت النتيجة بصالحهم على أن يبدأوا من جديد بداية حقيقية ..ومخلصة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. د عادل على

    سياسات رئيس الوزراء السابق نورى المالكى تجاه اخوتنا السنه كانت صب البنزين على نار الطائفيه المقيته------السياسى العاقل يدعوا القيادات السنيه الى مائدة مستديرة لحل كل المشاكل---والحل لهده الطائفيه المتعصبه كان عدم اقصاء السنه وعدم تهميشهم بل اشراكهم فى ص

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram