استوقفتني تلك العبارة التي قالها وزير الدفاع خالد العبيدي ورددتها القنوات الفضائية كثيراً فالوزير الذي ظهر على التلفاز ليزف لنا نبأ تحرير مدينة الرمادي من داعش قال انه لم يجد بناية عالية ليضع عليها العلم العراقي اشارة منه الى تحول المدينة الى أنقاض وارض خالية من العمران ..ربما لاتجد تلك العبارة صدى لدى البعض ويتوقع البعض الاخر ان المرحلة المقبلة بعد التحرير هي إعادة الاعمار لكنها عبارة خطيرة جدا فالى متى سيظل العراقيون يعيدون إعمار بلادهم بدلا من تعميرها وماهي الاسباب التي حولت مدينة الرمادي الجميلة الى أنقاض ..أهي سياسة المالكي التي تعمدت الاقصاء والتهميش لتمنح أهلها ذريعة اللجوء الى الغرباء لنيل حقوقهم ؟..ام هي الثقة التي منحها أهل الرمادي لغرباء تخيلوا انهم سيكونون عونا لهم في استرداد ثقلهم السياسي؟
لقد علمنا التاريخ إن الغرباء حين يدخلون الى بلد ما فلابد ان لديهم اهداف وطموحات دفعتهم الى مغادرة بلدانهم واللجوء الى بلدان اخرى ...فهل كان لمقاتلي داعش نية مساعدة أهل الانبار دون مقابل ..هل دفعتهم العقيدة والنداء الاسلامي الى الوقوف معهم ؟...لقد اثبتت الايام ان الاسلام الذي ينادون به ليس الدين المتسامح الحنيف بل هو الاسلام السياسي الذي تحركه أطماع واجندات خارجية ، والاسلام لمن يعرفه جيدا دين وليس سياسة فهما على تضاد لأن الدين يعني التعاليم السمحاء والسعي الى الخير والصلاح والسياسة لعبة قذرة لايخوضها إلا من يكون على استعداد لبيع ضميره ومبادئه مقابل تحقيق أهدافه ..
إذن ،كان من المفروض ان يفقه أهل الرمادي اللعبة ويدركون ان النتيجة ستكون ماآلت اليه حالهم فبدلا من استحصال حقوقهم المشروعة تحولوا الى نازحين وفقدوا العديد من ابنائهم ومعهم الأمان والاستقرار وسبل العيش وشاهدوا مدينتهم وهي تتحول الى كومة أنقاض ..لكن اللوم لايقع عليهم وحدهم فمن يدفع بابنائه بعيدا عن احضانه يجب الا يستغرب بحثهم عن أحضان اخرى وحكومتنا استبعدت ابنائها وساومت على حياتهم فلم يجدوا لديها الحماية ..لقد تحوّلوا الى بضاعة رخيصة يتاجر بها تجار الدين والسياسة وهاهم ينتشرون في المدن وبعضهم مازال محتجزا في بزيبز وقد بلغ به الحال الى سد جوع عائلته بالاعشاب والادغال وعانى من البرد والمطر والامراض المعدية ...
تحررت الرمادي لكن اعادة اعمارها ليست يسيرة والمستفيد الاول والاخير فيها هم تجار البناء الذين ساعدتهم سياسية الميليشيات الطائفية على تدمير المدينة ،كما ان ماسيحدث على ارضها بعد عودة اهلها لها سيكون خطيرا جدا اذ ستكون مدينة يغيب فيها القانون وتتنافس جهات مختلفة على تولي مسؤولية حكمها فلم يعدهناك اتفاق بين العشائر التي اختلفت على تقبل دخول داعش وقد تحدث أفعال إنتقامية او فوضى سياسية ..
لابد اذن للحكومة اليوم وبعد تحرير الرمادي ان تحتضن أبنائها وتمد لهم يدا بيضاء وتمنحهم الثقة والامان ليكونوا عونا لها وتكون عونا لهم في استبعاد الغرباء واعادة الروح لمدينتهم المدمرة ..ولابأس ان يعاود العراقيون الاعمار بدل التعمير اذا كانت النتيجة بصالحهم على أن يبدأوا من جديد بداية حقيقية ..ومخلصة
ما بعد التحرير
[post-views]
نشر في: 4 يناير, 2016: 09:01 م
جميع التعليقات 1
د عادل على
سياسات رئيس الوزراء السابق نورى المالكى تجاه اخوتنا السنه كانت صب البنزين على نار الطائفيه المقيته------السياسى العاقل يدعوا القيادات السنيه الى مائدة مستديرة لحل كل المشاكل---والحل لهده الطائفيه المتعصبه كان عدم اقصاء السنه وعدم تهميشهم بل اشراكهم فى ص