ما كان لزاماً على شخص كرئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بابل ولا حريًّاً به أن يكون بمثل هذه الخفّة لكي يسارع بتوجيه الاتهام إلى جهة أو أكثر بالمسؤولية عن التفجيرات الإرهابية التي طالت عدداً من المساجد في المحافظة فجر أمس.
أقول خفّة لأن رئيس اللجنة الأمنية لم يقدّم الدليل على أن إتهامه صحيح ويستند الى معلومات دقيقة وسليمة. وأقول خفّة لأن عواقب تصريح عجول وغير موثّق، مثل هذا، يمكن أن تكون له عواقب جسيمة على صعيد إثارة الفتنة الطائفية في وقت يقتضي من المسؤولين في الدولة بذل كل جهد لتطويق الأمر والحؤول دون أية تداعيات طائفية محتملة.
رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بابل تطوّع بالقول أن تنظيم داعش والسعودية يقفان وراء التفجيرات التي طالت جوامع لأهل السنة في المحافظة، مع أنه أشار، وهو يوجّه اتهاماته، إلى تشكيل لجان تحقيقية لكشف المنفذّين! (المدى برس)، من دون أن يكشف لنا كيف تسنّى له أن يعرف أن داعش والسعودية قد اجتمعا على تنفيذ هذه التفجيرات!
ما يفضح خفة رئيس اللجنة الأمنية في بابل أن المعلومات التي تضمنها بيان لوزارة الداخلية، وهي أكثر من رئيس اللجنة علماً ودراية بأوضاع الأمن في البلاد، لم تتوافق مع ما ورد في اتهامات المسؤول البابلي.
وزارة الداخلية قالت في بيانها أن "هذه الاعتداءات محاولات يائسة لاستعداء الطوائف العراقية ضد بعضها، وثمة جهود تعمل لإحياء الاحتقانات المذهبية على خلفية أحداث تشهدها المنطقة فإن هذه المحاولات تقوم بها عناصر مدسوسة لزرع الفتنة واستغلال الظروف الإقليمية الراهنة"، ولم يقطع البيان، كما فعل رئيس اللجنة الأمنية في بابل، بمن يكون المسؤول المباشر أو غير المباشر عن العمل الإرهابي، وهذا هو الموقف المسؤول، فالعبرة في معرفة الجناة للقبض عليهم وتقديمهم إلى القضاء، وليس توجيه الاتهامات الجزافية التي قد تؤدي الى إفلات الجناة الحقيقيين من العقاب. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة الداخلية التي دعت في بيانها إلى "الحذر الشديد من هذه المحاولات، كما ندعو وسائل الإعلام الى التحلي بالمسؤولية الوطنية والمهنية والأخلاقية بعدم الترويج لما يهدف له أعداء العراق".
كان المنتظر من رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بابل أن يكون أكثر كياسة وحذراً، فلا يستعجل حتى تتكشف الحقيقة من التحقيقات التي تجريها اللجان التي أعلن بنفسه عن تشكيلها. بخلاف هذا فان المسؤول البابلي يعطي الإنطباع بأنه يسعى من وراء تصريحه العجول، إلى إبعاد النظر عن الجناة الحقيقيين الذين يمكن أن يكونوا من العناصر الشيعية المتطرفة طائفياً غير المنضبطة الموجودة بيننا والمسؤولة عن عمليات مماثلة حدثت في الماضي، مثلما هي موجودة العناصر السنية المتطرفة طائفيا وغير المنضبطة والمسؤولة هي الأخرى عن أعمال إرهابية غير قليلة.
تصريحات من هذا النوع يمكن لها أن تضعف الثقة بالمؤسسات ومسؤوليها لجهة ما يُقدم منها ومنهم من معلومات بشأن الاوضاع الأمنية في البلاد.
تفجيرات بابل وخفّة التصريحات العجولة
[post-views]
نشر في: 4 يناير, 2016: 09:01 م
جميع التعليقات 2
طارق الجبوري
طرح موضوعي ورصين كنت اتمنى ان ينسحب على خبر التفجيرات المنشور في الصفحة الاولى من المدى وبرأي المتواضع كان يفترض ان تصاغ مقدمة الخبر بطريقة تزاوج بين رأي وزارة الداخلية في بيانها وبين تصريح رئيس الجنة الامنية .. واسف لهذه الملاحظة النقدية التي لااقصد منها
ييلماز جاويد
قد تكون مقصودة من رئيس اللجنة الأمنية في بابل ، فقد لبس بعض السياسيين لبوس الحريصين وتبوأوا المناصب ومنها يمارسون خلق الفتن طائفية كانت أو غيرها خدمة لمصالحهم . فلا يمكن تفسير مثل هذا العمل بهذه البساطة بالعجالة .