جمعتهم الملاجئ وساحة العرضات ...اجتمعوا معا ليتناولوا القيمة الكربلائية والكبّة المصلاوية وتبادلوا معا النكات البصرية والدارميات العمارتلية والزهيريات الدليمية ..كانوا يهبون لإنقاذ رفاقهم حين يسقطون في سوح المعارك دون ان يلتفتوا الى مذاهبهم او قومياتهم او دياناتهم ..كانت علاقتهم تستمر الى مابعد (التسريح ) من الجيش ويرتبط بعضهم بعلاقات نسب لاتشترط تشابه الطوائف او الانتماء الى نفس المحافظة ..هكذا كان الجيش العراقي قبل ان يبادر برايمر ومن أيد قراره وعبّد الطريق له بحل تشكيلاته ومنحه بطالة اجبارية ...واذا كان المكلفون باداء الخدمة العسكرية يتحينون الفرص لمغادرته حتى ولو عن طريق الفرار منه بعد ان وجدوا انفسهم حطبا لحروب القائد الضرورة ، فان المطوعين فيه لم يتقبلوا قرار حلّه وخاصة اصحاب الرتب العسكرية الذين اعتادوا على النهوض صباحا والالتزام بالقيافة العسكرية واعطاء الاوامر وطاعة اصحاب الرتب الاعلى ...لذا لجأ بعض منهم الى معارضة الحكومة الديمقراطية التي وفدت الى العراق والانضمام الى تنظيمات عادت بالضرر على العراق بينما انتظر بعض آخر بصبر ان تعود للجيش العراقي هيبته وعادوا اليه حين تم استدعاؤهم فدفع بعضهم الثمن عندما اعتبرهم تنظيم القاعدة مرتدّين وقضى بقتلهم ..بمرور الأيام ، تغير الكثير من سمات الجيش العراقي وبسطت الطائفية التي عصفت بالبلد ظلها عليه فحدثت فيه فجوات طائفية وانشقاقات عرقية كما اخترقته الميليشيات التي تنوعت انتماءاتها وولاءاتها ..ورغم ذلك ، ظل العراقي يستمد قوته وامانه من البدلة العسكرية ويشعر بالامتنان لوجود رجال يواصلون رسالة مقاومة الحر والبرد في السواتر ويكتفون بتناول القليل والشحيح من ( الارزاق ) ويواجهون اعداء يشيعون الرعب في النفوس بكثافة تواجدهم ووحشيتهم وتجهيزاتهم العسكرية المتطورة ..
بالأمس ، كان الجيش العراقي حارس البوابة الشرقية وكان درعا يحتمي به الاشقاء العرب ، ومنذ تأسيسه في عام 1920 ، كان الجيش العراقي سورا للوطن ، أما اليوم فهو يعاني مثلنا نحن المواطنين المدنيين من الضعف والانقسام والاهمال ..وبعد ان كان حطبا لحروب القائد الضرورة اصبح ضحية مؤامرات سياسية وفقد الكثير من ابنائه في مجزرة سبايكر وسقوط الموصل واجتياح الحويجة ومعارك الانبار ومازال يقدم دماء ابنائه بسخاء يوميا لتروي ارض العراق ...
قديما ، قال هتلر :" اعطني جندياً عراقياً وسلاحاً المانياً وسأجعل اوروبا تزحف على اناملها "، وحديثا قال بيل كلينتون :"صدمت بقوة وتحدي هذا الشعب المظلوم في كتب التاريخ ".... جيشنا قوي وشعبنا عنيد اذن بشهادة الغرب ، لكننا نفتقر الى قيادات حكيمة تعزز قوة الجيش وتنصف الشعب ليخرج العراق كالعنقاء من وسط الرماد وينتصر على أزمته ...
في عيده ، ليس بوسعنا الا ان نقول للجيش العراقي اننا مازلنا نستمد قوتنا من بدلته العسكرية ونفخر بصموده وعناده رغم كل معاناته لكننا نريده موحدا ...متماسكا وان يكون ولاؤه للوطن.. والوطن.. فقط..
في عيده..
[post-views]
نشر في: 8 يناير, 2016: 09:01 م