TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ما يُمكن أن تتباهى به أمانة بغداد

ما يُمكن أن تتباهى به أمانة بغداد

نشر في: 8 يناير, 2016: 09:01 م

تباهت أمانة بغداد بأنها نجحت في رفع كل ما خلّفه المحتفلون بقدوم العام الجديد من نفايات، مقدّرة عدد المحتفلين بأربعة ملايين نسمة من سكان العاصمة وزوّارها. وربما كان لها بعض الحق في هذا التباهي نسبة إلى هذا العدد الغفير من المحتفلين.
بالطبع، رفع القمامة وتنظيف الشوارع والساحات والحدائق وسوى ذلك هو من أوجب واجبات الأمانة وسائر البلديات. صحيح ان احتفال البغادّة بقدوم العام الجديد لم يكن مسبوقاً على الإطلاق لا في بغداد ولا في أية عاصمة أخرى، لكن ما يستحق التفاخر والمباهاة بحق هو أن تنجح الأمانة في إعادة بغداد إلى ما كانت عليه في العهود السابقة مدينة نظيفة وجميلة. بغداد الآن ليست سوى مزبلة كبيرة للغاية، ومرة أخرى أكرر القول بأن في بغداد لا يوجد متر مربع واحد في العاصمة نظيف.
نجاح أجهزة الأمانة في رفع نفايات الاحتفالات بالعام الجديد يستحق الاحتفال به إذا ما غدا منطلقاً لتحقيق النجاح الأكبر في رفع القمامة ومخلّفات البناء التي لا يخلو منها أي شارع أو (دربونة) أو ساحة حتى داخل المنطقة الخضراء.
فضلاً عن العواقب الصحية والبيئية، فان استمرار وجود الأزبال وتراكمها في كل مكان يشجّع على المزيد من إلقاء  القمامة والمخلفات ومفاقمة المشكلة، والأهم انه يُفسد الذوق العام، فيصبح الناس معتادين على منظر الازبال ولا يستفزهم  هذا المنظر. بل ان هذي الحال تنتقل إلى المدن والبلدات الأخرى، فالعاصمة هي المثال والأنموذج والقدوة، وإذا فسدت بغداد فسدت سائر المدن والبلدات بالضرورة.
ربما تجد الأمانة لنفسها ذريعة في واقع أنها لا تمتلك القدرة على تنظيف بغداد بسبب ما تراكم في شوارعها ودرابينها وساحاتها من مخلفات وأزبال على مدى الثلاث عشرة سنة الماضية، وبسبب شحّ المال الآن بعد انهيار أسعار النفط. مع ذلك لا أظن أن نظافة بغداد عصية على التحقق إلى درجة الاستحالة. ينبغي التفكير بطريقة جديدة.
في آخر إحصائية لها أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أن عدد طالبي العمل المسجلين لديها في العاصمة وحدها بلغ نحو 120 ألفاً. يُمكن لأمانة بغداد، مثلاً، أن تتشارك مع محافظة بغداد في تخصيص مليون دولار لتنظيف العاصمة. هذا المبلغ يُصرف لخمسين ألف شابة وشاب، بواقع عشرين دولاراً للشخص الواحد، من أجل يوم عمل لرفع القمامة والمخلفات من شوارع العاصمة ودرابينها وساحتها. أظن ان الخمسين ألفاً، من المسجلين ومن غير المسجلين، سيلبّون النداء، وأن مليون دولار ليس بالمبلغ الهائل بالنسبة للأمانة ومحافظة بغداد اللتين لديهما موارد ذاتية لا يُستهان بها. وإذا كانت أمور الأمانة والمحافظة "داجة" إلى أدنى درجة فبوسعهما تنظيم حملة لجمع "تبرعات" أو رسوم من أصحاب المحال التجارية بما تتراوح قيمته بين دولار واحد وعشرة دولارات بحسب حجم المحل وطبيعة نشاطه. أظن أنهما سيجمعان ما يزيد عن المليون دولار، ليشتريا بالباقي حاويات لجمع النفايات .. وأستطيع الإعلان الآن عن أن مؤسستي( المدى) على استعداد لأن تكون المتبرع الأول بما يزيد عن عشرة دولارات عن كل مقر تشغله هي ومؤسساتها وفروعها.
هل تمتلك الأمانة والمحافظة الشجاعة للإقدام على مبادرة كهذه لا تحتاج إلى أي قدر من الشجاعة في الواقع؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram