سنسجّله التزاماً على رئيس الوزراء حيدر العبادي وتعهداً منه، وفي مثل هذه الأيام من العام المقبل سنفتح دفتر الحساب لنراجع ما إذا السيد العبادي كان عند التزامه وأوفى بتعهده أم أن ما قاله أمس هو مجرد هواء في شبك على غرار ما سمعناه في السنوات الماضية من وعود وعهود ذهبت كريشة في مهب الريح مع انها تمّت تحت القسم بأغلظ الأيمان.
السيد العبادي اختار الذكرى السنوية الرابعة والتسعين لتأسيس جهاز الشرطة ليعلن بلهجة واثقة أن العام الحالي "سيكون عاماً للقضاء على الفساد"، وان هذه العملية سيكون مبتدأُها من أجهزة وزارة الداخلية "لأننا لا يمكن أن ننتصر على الفساد حتى نطهّر أنفسنا"، ولهذا السبب استنهض همة منتسبي هذه الأجهزة قائلاً "علينا أن نخوض حرباً شرسة ضد الفساد، والحرب لها شقان شق الارهاب ونحن ننتصر عليه والفساد حققنا نتائج فيه لكن يجب ان ننتصر عليه".
الكلام لا غبار عليه، والمسار المُختار هنا لمحاربة الفساد وتحقيق النصر عليه صحيح وسليم، ففساد أجهزة الأمن، كما فساد القضاء، هو أبو الفساد وأمه.
أفترض أن السيد العبادي صادق النية، وليس من سبب للشك في ذلك، لكن السؤال هو: هل يستطيع رئيس الوزراء تحقيق نيته هذه وقد رفعها إلى مستوى الالتزام والتعهد بالقول القاطع غير القابل للتأويل أن هذا العام سيكون عام القضاء الناجز على الفساد وليس عام الترتيب لعملية القضاء هذه أو عام الشروع بهذه العملية؟
هذا السؤال يستند إلى تجربة الستة عشر شهراً الماضية، منذ تشكيل الحكومة الحالية، وبالأخص الأشهر الخمسة الأخيرة. البرنامج الذي تقدمت به حكومة العبادي الى مجلس النواب اشتمل على تعهدات كثيرة لم يتحقق منها، على صعيد الالتزامات الرئيسة، شيء ذو قيمة يمكن أن يُحدث فرقاً ونقلة نوعية في وضع الدولة والمجتمع، وهذا ما كان في أساس الحركة الاحتجاجية التي انطلقت قبل خمسة أشهر، وعادت الحكومة ومعها مجلس النواب ليتعهدا للمحتجين وعموم الشعب ببرنامج إصلاحي أصبح الآن هو الآخر ذكرى من الماضي.
نحن لدينا دولة فاشلة، ولا سبيل الى نكران هذا. عصب هذا الفشل هو الفساد الإداري والمالي الذي يرتكز بدوره إلى قاعدة مكينة، هي نظام المحاصصة الذي اخترعته الطبقة السياسية الحاكمة وتمسّكت به لترسيخ سلطتها ونفوذها وللاستحواذ على الثروة من أجل المزيد من السلطة والنفوذ ونهب المال العام عن طريق الفساد الإداري والمالي.
نتمنى أن ينجح السيد العبادي في انجاز التزامه والوفاء بتعهده بالقضاء على الفساد في نهاية العام الحالي، لكن ما ينبغي قوله أن السيد العبادي سيكون مجرد واهم كبير إن هو ظنّ أن في وسعه تحقيق ولو عشرة بالمئة من وعده هذا من دون نسف الأساس القائم عليه الفساد، وهو نظام المحاصصة .. هنا الملعب الحقيقي للقضاء على الفساد.. بخلافه ستذهب كرات السيد العبادي خارج الملعب.
العبادي واللعب خارجاً
[post-views]
نشر في: 9 يناير, 2016: 09:01 م
جميع التعليقات 2
د عادل على
قبل ان نبدا باجتثاث الفساد يجب ان نتاكد من ان الراس سليم--هدا يعنى البدء بمجلس الوزراء وكل الوزارات ثم نطهرها---------ولمعرفة المفسدين فى الارض يجب ان نؤسس جهاز استخباراتى من النظيفين للبحث عن المفسدين ثم نقدمهم للمحاكمه العسيرة------ويجب ايضا ان تشكل ل
علي الخالدي
فعلا رؤوس الفساد الكبيرة لازالت شامخة