عبدالله السكوتييحكى ان والي بغداد في العهد العثماني تضايق من شكاوى الناس من (متسلم الحلة)، ثم انه توفي فأخفى الوالي وفاته عن الحكومة العثمانية كي لايدفع مبلغا جديدا لقاء تعيين متسلم آخر ، فكلف الرجل المسؤول عن ايصال اولاده الى (المله) والعودة بهم الى الدار لشغل هذا المنصب ،
رفض الرجل هذا العرض لانه لايعرف القراءة والكتابة لكنه وافق اخيرا مرغما. جعل الوالي له قافلة خاصة توصله الى الحلة، استقبله اشراف المدينة بالترحيب ، وبعد ان استقر به المقام راجعه ارباب المصالح عارضين عليه مشاكلهم وشكاواهم ، ومن بينها المعاملات التي لم ينجزها سلفه ، وبعد ان يسمع مايقوله صاحب الشكوى ، يأخذ معاملته ويقلب اوراقها وينعم النظر فيها طويلا ليوهم الشخص انه يقرأها ثم يصرفه بقوله: (الحكومة حكيمة، تعرف شغلها)، استمر على هذا الحال حتى لم يعد احد يرفع شكوى للوالي او يتظلم ، شكره الوالي على هذه الطريقة الجديدة التي اتت بمنافع عديدة. قال لي احدهم وهو من اهالي الناصرية: ان ربع ماصرف على ارصفة الناصرية فقط يساوي الاموال التي صرفت على برج دبي ، وهذه المسألة بحد ذاتها كارثة ، اما الـ (87 ) مليارا المقبلة والتي سوف تأتي مع اقرار الموازنة الاتحادية لعام 2010 فنستطيع ان نتكهن انها ستذهب كما ذهبت نظيراتها ، لتكون الحجة انها ذهبت للرواتب وكأن العراق هو الدولة الوحيدة في المنطقة التي مرتبات لموظفيها ، اي مسؤول يظهر من على الفضائيات اول حجة يتحجج بها هي المرتبات ، ليقول لك ان ميزانية العراق لهذا العام ذهبت مرتبات للموظفين ، لنتكلم بصراحة: اذا افترضنا ان لدينا (3 ) ملايين موظف وبعملية حسابية بسيطة نستطيع ان نضع في ( الزايد) ان 20 مليارا هي ما يتقاضاه هؤلاء والباقي اين يذهب اذا استثنينا 17 مليارا تذهب لكردستان ، اكيد ان هذا كله يذهب للمشاريع الوهمية التي بقيت على الورق فقط . الفساد طاغ وواضح على السطح ، والمصيبة انهم في النهاية على حق ويريدون من الشعب ان يكرر المأساة وينتخبهم ثانية وبعضهم بدأ يقرع طبوله بأنه اشرف القوم ، بعضهم يستغل عواطف البسطاء وشعائرهم الدينية ، والبعض الاخر يسب متخذا من صحفيي الوقت الحالي منهجا له ، فحين يفكرون بالشهرة يلجأون الى السب والتسقيط ، ولا احد يحاول فضح زيف هذه العملة الكاسدة لدينا. لقد سمع علي بن ابي طالب (ع ) اصحابه يسبون اهل الشام في صفين فقال: (اكره لكم ان تكونوا سبابين ولكن صفوا اعمالهم وقولوا فعلوا كذا وكذا). لقد ذهب الامر جهارا وفي النهار سرقنا امام اعيننا ونحن نداري ولسان حالنا يقول (اليدري يدري والمايدري كضبة عدس) فهذا الرجل اندفع يحمل مديته ليدافع عن شرفه، لكن الهارب الخائن شاهد في الطريق حقلا للعدس فأخذ منه قبضة واستمر منهزما وهو يصرخ ( ياناس يريد يكتلني على كضبة عدس) لقد انقذ نفسه بهذا القول ، وما ناب المدافع عن الشرف سوى اللوم والعذل ، فعاد ادراجه وهو يردد ( اليدري يدري والما يدري كضبة عدس ). ورحم الله الشيخ محمد علي اليعقوبي حين قال في احدى الوزارات في العهد السابق وقد اعلنت انها ستقوم بحملة واسعة لمكافحة الجراد : الا قل للوزارة وهي تبغي/ مكافحة الجراد عن البلاد فهلا كافحت في الحكم قوما / أضر على البلاد من الجراد
هواء في شبك: (الحكومة حكيمة تعرف شغلها)
نشر في: 15 يناير, 2010: 07:11 م