TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الإنسان ليس شأناً داخلياً

الإنسان ليس شأناً داخلياً

نشر في: 10 يناير, 2016: 09:01 م

مقومات الدولة التي لا يختلف عليها أحد: الشعب وهم الافراد او الناس، والإقليم وهو الأرض، ثم السلطة التي تدير الشعب. مصيبتنا الكبرى ان السلطة في بلداننا العربية والإسلامية جميعا تعتبر كل شيء في الدولة ملكها واولها الإنسان. الحقيقة هي ان الانسان ركن من اركان الدولة وليس من ممتلكاتها. من هنا ارتبك مفهوم السيادة بحجة مبدأ "عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول". هذا المبدأ استغلته حكوماتنا لتلعب بالإنسان شاطي باطي: تسجنه، تعدمه، تحتقره، تلعن سلفة سلفاه، ولا نظام عالميا او إقليميا يقف بوجهها. دولنا الجائرة والمتخلفة حين ترى ان من حقها قطع شجرة مثلا ولا تمتلك أية دولة حق منعها، تراها تقطع رقبة الإنسان الذي هو أساس تكوينها تحت نفس الذريعة: شأن داخلي.
ان تختار الدولة لونا لباص نقل الركاب او لخطوطها الجوية او تعمّر حديقة، فذلك شأن داخلي لا يجوز التدخل به. لكن ان تتصرف بالإنسان وكأنه ملك الخلّفوها فتلك إشكالية مدمرة تقف وراء كل هذه الحرائق والمذابح والتهجيرات والمجاعات التي ترونها في الدول العربية. وان لم يتم حلها بقرار تأديبي أممي تتبناه الامم المتحدة تحت بند جديد يفوق البند السابع قوة وتأـثيرا، سيظل الانسان العربي او المسلم امام سلطة دولته كأي سلعة تبيعها او وترميها أينما تشاء وفي أي وقت تشاء.
القرار الاممي المطلوب في هذا الزمن الجديد بمآسيه ومصائبه هو استثناء الانسان من مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. وان تعرف الحكومات الشمولية والمتخلفة بانها ستسقط بقوة السلاح لو انها انتهكت حرمة وخصوصية الانسان الذي تدير شؤونه. هنا يصبح دور الحاكم هو حماية المواطن وتوفير مستلزمات حياته الكريمة مقابل أجر مجز. ويكون الحاكم مسؤولا امام منظمة جديدة ذات اسنان وقنبلة ذرية هدفها حماية الإنسانية من الانقراض.
قد أبدو في طرحي هذا طوباويا، او أشمر بعيدا كما يقولون. كلا، فهناك تجارب واقعية مقاربة لما اطرحه. خذوا الاتحاد الأوروبي مثالا. فالمواطن في أية دولة اوربية إذا شعر انه تعرض للظلم من حكومته، فمن حقه ان يشتكي لدى محكمة حقوق الانسان الاوروبية. ومثلما له ممثل في برلمان دولته يلجأ له عند الشدة، له ممثل آخر في الاتحاد الأوروبي يلوذ به من ظلم ذوي القربى.
قال شأن داخلي قال.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: الغرق في الشعارات

العمودالثامن: رواتب نواب جزر القمر

العمودالثامن: ألف نكتة ونكتة عن النزاهة!!

قانون الأحوال الشخصية.. في مواجهة الامتثال إلى الماضي

العمودالثامن: مثقفون مزيفون

 علي حسين في هذا المكان كتبت عن ظاهرة مركز الرافدين وعن صاحبه زيد الطالقاني .. وقد كنت أشاهد مجموعة أطلق عليهم زوراً لقب مثقف يشاركون في فعاليات مركز الرافدين ، والبعض منهم أصبح...
علي حسين

قناديل: لحافٌ يا مجلس المحافظة؟

 لطفية الدليمي أحسبُ أنّ معظمنا رأى المشهد الهزيل عبر الصور المنشورة في وسائل التواصل الاجتماعي: رئيس وأعضاء مجلس محافظة المثنى يقدّمون لطالبة متفوقة في السادس الاعدادي هدية تفوقها وهي (لحاف)، لحاف وحسب. ترى...
لطفية الدليمي

قناطر: الواقع الصحي بين البصرة والكويت وأيمن حسين

طالب عبد العزيز صورة القطاع الصحي في العراق لا تسر، وسمعة الطبيب العراقي على علميته وكفاءته مشوشة في ذهن المريض والمتابع والمواطن السليم أيضاً، وحال المستشفيات في البصرة وغيرها من المحافظات لا ترقى الى...
طالب عبد العزيز

السينما بين الفن والسياسة:فيلم "حياة الماعز" أنموذجاً

د. طلال ناظم الزهيري تاريخ السينما هو مسيرة حافلة تعكس التقدم التكنولوجي والإبداعي في صناعة الأفلام. حيث بدأت السينما في أواخر القرن التاسع عشر تزامنا مع اختراع آلات العرض الأولى مثل جهاز "الماسكوب" الذي...
د. طلال ناظم الزهيري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram