منذ يوم امس تدور في مجالسنا وفضائياتنا وصحفنا  وبيوتنا ، حوارات وتساؤلات كثيرة حول ما جرى في منطقة بغداد الجديدة ، وهل سيتكرر هذا المشهد ثانية ، وسمعنا مجموعة من المسؤولين والسياسيين كل يدلي بدلوه . لكننا توقفنا  عند هذا التصريح الذي يتكرر في كل مرة  ،:"توصلنا الى خيوط مهمة عن هذه التفجيرات وسنعلن عن نتائجها قريبا ".
ولأنني كنت في شوق لسماع صوت الناطق الرسمي لعمليات بغداد يعلن  أن الأمور وضعت في نصابها الصحيح، وان الحكومة كشفت مخططاً للاستيلاء على السلطة، فقد استقبلت خبر " التوصل الى خيوط مهمة "  بحفاوة بالغة، خصوصا، ان الناطقين لايتغيرون  ، وان شهور الغياب الطويلة لم تنسيهم المقولة التاريخية " الوضع تحت السيطرة"،
وانا أتابع أخبار التوصل الى الخيوط  تذكرت مجموعة من الاخبار التي عشنا معها صولة من الهتافات والشعارات ، كان أبرزها ما قاله السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي  بعد تفجيرات باريس آنذاك " إن العراق تلقى معلومات مخابراتية  تؤكد ان متشددي الدولة الإسلامية يخططون لتنفيذ هجمات على شبكات في باريس والولايات المتحدة " ..وكنا أنا وأنت - عزيزي القارئ - مجبرين  آنذاك على متابعة حلقات معادة ومكررة من مسلسل مضحك اسمه " نحن نعرف كل شيء ، ونفهم في أي شيء " والمسلسل الذي لا تزال حلقاته متواصلة يمضي السيناريو فيه على النحو الآتي : حالة من الدروشة تخيّم على البرلمان والحكومة تقطعها بتصريحات عابرة لمسؤولين كبار مفادها ان الحكومة ستكشف كل شيء في اللحظة المناسبة  ، وهذه اللحظة لاتاتي ابدا
ولكي تكتمل الحبكة يتم إقحام أسماء دول وشخصيات مدينة للعراق بسلامة أمنها ، كأن يعلن أن العراق أجرى اتصالات مع البنتاغون كي يحذرهم من هجوم كيمياوي ، أو ان تطرح تجربة بغداد في أسواق البورصة من أجل ان يستفيد العالم منها ، قبل اشهر ايضا  ظهر الدكتور إبراهيم الجعفري وهو الذي يصر على ان لايغيب عن الشاشة ليبلغنا ، ان أجهزة المخابرات العراقية تلقت معلومات تشير الى أن فرنسا والولايات المتحدة وإيران من بين الدول المستهدفة لشن هجوم عليها.
والآن من يشير على مسؤولينا بنوعية الخطب ، ومن يطلب منهم ان يخرجوا على الناس 24 ساعة في 24 ساعة ؟ أرجو، بصدق، ألا يكون السيد كامل الزيدي الذي ظهر بعد غياب طويل يطالبنا بـ"  بناء عملية سياسية بعيدا عن هذه المحاصصة " من دعاة النظرية التي تقول إن أفضل ترويج لسلعة رديئة لا تلقى إقبالاً من المستهلكين أن تقوم بإغراق السوق بما هو أردأ منها.