TOP

جريدة المدى > سينما > مدام كوراج.. الإجرام لا يمنع الحب

مدام كوراج.. الإجرام لا يمنع الحب

نشر في: 14 يناير, 2016: 12:01 ص

مرة أخرى ، يغوص مرزاق علواش في قلب المجتمع الجزائري وتناقض الواقع ، والتهميش وعدم الانتماء ، فالعجز الحكومي ووعوده بتجاوز الازمات والفساد المستشري جعل من الناس – ومنهم ابطال علواش- أشخاصاً يلجأون اما للعنف او يذهبون نحو التطرف وهم في المحصلة لي

مرة أخرى ، يغوص مرزاق علواش في قلب المجتمع الجزائري وتناقض الواقع ، والتهميش وعدم الانتماء ، فالعجز الحكومي ووعوده بتجاوز الازمات والفساد المستشري جعل من الناس – ومنهم ابطال علواش- أشخاصاً يلجأون اما للعنف او يذهبون نحو التطرف وهم في المحصلة ليسوا سوى امتداد لجيل السبعينات الحالم بعد التحرير ، الغارق في الخيبات ، لذلك كان للعنف والخطاب الديني دور مهم في معظم أفلامه.

في "مدام كوراج" قدم علواش صورة للواقع الرث بكاميرا محمولة ، حرة ، أقرب الى الوثائقية وبلقطات سريعة تحاول اللحاق بيوميات (عمر) الراكض منذ المشهد الافتتاحي الاول الذي لا يتجاوز الاربع دقائق ، والذي سيبني عليه علواش سردية فيلمه لاحقاً ، بكل تفاصيل الحياة اليومية الروتينية ، حيث نراه يجري ليلا لينجو من مطاردة ثلاثة شبان ، يهرب منهم بصعوبة ، لتبقى الكاميرا تراقب الفتى ولا تغيب عنه والذي نجح بتقديمه بكل ملامحه الانسانية واحلامه ،تلاحقه بعد عملية السرقة أو تلاحق سرعة دراجته النارية وسط شوارع الجزائر وهو يبحث عن فريسة ليسرقها ، لذلك لم يعنِه لا هو ولا مدير تصويره الفرنسي بتقديم مشاهد بصرية جمالية قدر تقديمهم لعالم (عمر ) المنهار فكانت معظم المشاهد ليلية قاتمة ومعتمة مثل حياة العزلة والوحدة التي يعيشها البطل والذي يحاول ان يهدئها باقراص المخدرات التي يتناولها .
عمر هذا هو امتداد لخيبات (عمر) الاول الذي (قتلتوا الرجلة ) ، عمر الألفية الجديدة ناشئ في ظل الخراب العربي ، هو نتيجة لعمر السبعينات الناشئ في ظل دولة الوعود ، فالثاني حالم يعيش مع عائلة كبيرة ، عاشق للافلام ومحب للاغاني التي طالما ترافقه مع جهاز التسجيل الذي يحمله ، أصبح في الالفية الجديدة محتلاً من قبل المواعظ والخطب الدينية ، مع ذلك كلاهما يجمع بينهما الحلم والحب .
عمر، انعزالي مراهق يعيش في احدى العشوائيات مع شقيقته ووالدته، وهو مدمن لعقار مخدر يدفعه إلى سرقة الفتيات في الشوارع لتأمين احتياجاته من هذا العقار الذى يهون عليه حياته البائسة التي يعيشها مع والدته التي تتابع قنوات الفتاوى الدينية يوميا لكنها لا تمانع في ممارسة ابنتها الدعارة ولا تمنع ابنها من السرقة والإجرام.
فالأوضاع الاقتصادية السيئة هي السبب الرئيسى لما وصل له الوضع الجزائري في العشوائيات ويحمل الحكومة مسؤولية ما آلت إليه الأمور، خاصة عندما رصد شكل الحياة في تلك المناطق من تراكم لمقالب القمامة المنتشرة في كل مكان وعوالم  الفقر والبؤس.
فكادرات علواش المتحركة المحمولة إشارة إلى حياة ذلك الشاب الذي يترنح فى حياته ليس فقط بسبب الإدمان والإجرام وإنما أيضا فى علاقته مع نفسه، فرغم أنه مجرم إلا أنه لا يزال قلبه ينبض بالحب ويتصارع بداخله جانبا الخير والشر، وهو ما ظهر جليا في تعامله مع شقيقته والتي تعرضت للأذى بسبب عملها في مجال الدعارة بعد أن ضربها “القواد” الذي يقوم بتسهيل عملها في الدعارة، إلى جانب وقوعه في غرام إحدى ضحاياه من الفتيات التي انتزع منها “قلادتها”، إلا أنه أغرم بها بمجرد النظر في عينيها أثناء سرقتها وحتى في ملاحقاته لها في المدرسة والمنزل وغيرها من الأماكن لم يحاول اغتصابها أو التعامل معها بقسوة وإنما فكر فيها برومانسية قد لا تتناسب مع شخصية ذلك الفتى المدمن والمجرم ولم يحلم بأكثر من ان ينزعها حجابها ويداعب خصلات شعرها .
إيقاع الفيلم بطيء وهادئ وتكرار مشاهد عمر هو تكرار الحياة اليومية بكل تفاصيلها وروتينها الممل ، إلا أنه في النهاية تجربة متميزة لمخرج مخضرم أراد أن يوصل للمشاهد أن الإجرام لا يمنع الحب ، بل من الممكن ان يهذب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

"إرنست كول، المصور الفوتوغرافي".. فيلم عن المصور المنفي الجنوب أفريقي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram