اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > رقصة الحياة

رقصة الحياة

نشر في: 15 يناير, 2016: 09:01 م

عطايا الفن كثيرة ومنح الأبداع لا تنتهي عند عصر أو زمن معين، وسيظل نهر الفن جارياً ينعكس على سطحه ضوء روح العباقرة وما تركوه لنا من جمال، وسنظل نراقب هذا النهر كل وقت وهو يحمل لنا بين موجاته مراكب مليئة برائحة زكية، هي عطر الفن وروحه التي لا تتوقف، حيث تسير بموازاة حياتنا دائماً.
واحدة من عطايا الفن هي أن تركب القطار الذاهب باتجاه معرض فريد ونادر بكل معنى الكلمة، أنه المعرض الذي يجمع لوحات أدوارد مونك (1863-1944) وفنسنت فان خوخ (1853-1890) والذي يقام في متحف فان خوخ في أمستردام. هنا تشاهد 75 لوحة و30 رسماً على الورق إضافة الى مجموعة من أعمال بعض الفنانين الآخرين الذين ارتبطت أعمالهم بهذين العبقريين، وهو يعتبر أول معرض يجمع بين هذين الفنانين، حيث جُمعت الأعمال من متحف مونك في أوسلو ومتحف فان خوخ في أمستردام. عاش هذان الفنانان حياة مضطربة وصعبة وكانا يحملان عاطفة قوية وواضحة . وقد قارن النقاد كثيراً بينهما، وكذلك حاولوا أن يجدوا بعض المقاربات التي تبيّن وتشير الى الاضطراب الذي لف حياة كل منهما. فنسنت، ومن خلال حياته القصيرة لم يسمح للهب الفن أن ينطفئ من فرشاته وقد استهلك روحه وكل حياته من أجل فنه. وإدوارد الذي تجاوز خلال حياته الطويلة محنا وانتكاسات عائلته وكآبة محيطه ليرسم كل ذلك في لوحات تعبيرية غمسها أيضاً برمزية تعكس القلق الذي كان يعيش فيه.
المعرض يلقي نظرة فاحصة على الخطوات التي انطلق منها الفنانان والتأثيرات التي تعرضا لها وكذلك تطور أسلوب وتقنية كل منهما، والأهداف الفنية التي وضعاها لتسير وفقها خطواتهما الفنية. كذلك أجاب المعرض عن التساؤلات التي تقارن بينهما دائماً، وخاصة ضربات الفرشاة الجريئة والتكوينات غير التقليدية لديهما. نرى خلال المعرض كيف ترك فان غوخ تناغم الانطباعيين واستخدم اللون الخام بطريقة تعبيرية جريئة، وخاصة اللون الأصفر الذي عكس من خلاله حرارة الشمس في جنوب فرنسا، وأراده أيضاً كتعبير رمزي لـ (البيت الأصفر) الذي عاش فيه. ومونش وهو يرسم وجوهاً غارقة في الحزن، تحيطها أجواء مشحونة عاطفياً ومليئة بالقلق، وقد اختصر كل ذلك في عمله العبقري (غرفة الموت).
نجح الفنانان بشكل مبكر وغير مسبوق في تاريخ الرسم في ايجاد التعبير الشامل والمباشر لحياة الأنسان. فأعمال مثل: شارع لافاييت، الفتاة المريضة، الصرخة وضوء القمر لمونك ، تؤكد القرابة التي جمعتها بتفاصيل عميقة وجوهرية مع أعمال فان غوخ: ليلة مليئة بالنجوم، الدكتور جاشيه، آكلوا البطاطس وغرفة الفنان وغيرها الكثير. من الأعمال النادرة التي عرضت في هذا المعرض، مجموعة (أفريز الحياة) لمونك وهي مجموعة مدهشة في الحفر على الخشب. نرى من خلال هذه الأعمال كيف سارت التعبيرية في أولى خطواتها قبل 120 سنة تقريباً لتؤثر بعدها عل أجيال من الفنانين في كل بقاع العالم. وقد عرضت ضمن هذه المجموعة أعماله الشهيرة: الصرخة ومادونا والقبلة ومصاصة الدماء ورقصة الحياة إضافة الى أعمال مهمة أخرى.
يشير النقاد ومؤرخو الفن دائماً الى أن إدوارد وفنسنت لم يلتقيا أبداً رغم أ نهما قد عاشا في زمن واحد، لكنهم يؤكدون على أن مونك كان قد شاهد أثناء زيارته لباريس في ثمانينات القرن التاسع عشر بضع لوحات لفان غوخ حين كان هذا الأخير يحاول أن يرسم عكس التيار الذي سار فيه الانطباعيون أو حتى مابعد الانطباعيين. بعيداً عن كل هذا, فمن المؤكد أن فان خوخ قد سبق مونك في أيجاد الطريق المناسب والمؤدي الى التعبيرية، والتي دفعها مونك فيما بعد الى أقصاها وقد تأثر به جماعة الجسر وتبنوا تقنياته التي أدَّت الى ظهور ما سمي بالتعبيرية الألمانية بداية القرن العشرين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram