TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عرسٌ عراقيّ

عرسٌ عراقيّ

نشر في: 15 يناير, 2016: 09:01 م

كان أجمل قرار اتخذته الوزارات قبل فترة هو محاسبة الموظفين الذين يخوضون في نقاشات سياسية وطائفية على وجه الخصوص . ولكن دولتنا تعمل بكل مفاصلها دون حسيب او رقيب ، ولهذا ترد هكذا نقاشات احيانا وتصل الى حد الشجار والخصام بين الموظفين كلما تأزم الوضع السياسي واكتشف العراقيون انهم انما يطفون على سطح بحر متلاطم الأمواج من الأحقاد الطائفية والاتهامات المتبادلة ...لكن الطائفية لم تكن وليدة الشعب يوما ولم يهلل لها الا بعد ان امسكت بتلابيب قيادته حكومات تدعو اليها وتؤججها ...
في دائرتنا الصغيرة ، خاضت بعض الزميلات نقاشا دل قبل كل شيء على حبهما الجارف لوطنهما وخوفهما عليه وحرصهما على عدم دماره ، لكن اسلوب النقاش لم يكن منطقياً ولاقائماً على نظرة شمولية لما يحدث ولحجم المؤامرة على البلد ، بل تدنى الى تبادل الاتهامات والبحث عن مسؤول عما حدث ويحدث من بين الطوائف والقوميات العراقية التي تضررت كلها وحصدت نتاج سياسات تديرها أيدٍ غريبة بحنكة ودراية وتخطيط مسبق وينفذ فقرات برامجها سياسيون وضعوا ضمائرهم على الرفوف وركبوا موجة البحث عن المصلحة الخاصة والأمجاد الشخصية والمطامع التي لاتنضب ..
في مكان آخر، ومن دولة اوروبية ، وصلتني صور عرس عراقي جميل ارسلها لي شقيقي ولم اتعرف فيها إلا عليه وعلى عائلته ..سألته عن هوية العريس والعروس وسبب حضورهما العرس فقال ان العريسين من المغتربين العراقيين وليس لديهما من يحتفل بهما هناك من الاهل والاصدقاء  لذا قررالعراقيون هناك ،ودون معرفة مسبقة، ان يقيموا لهما عرسا عراقيا ...كان منظمو الحفل والداعون له من السنّة وكانت العروس شيعية من مدينة العمارة والعريس كردي من كردستان والمدعوون من كافة الطوائف والقوميات والمذاهب والاديان وكان مقدم الحفل ممثلا عراقيا مغتربا من الموصل هو عامر العمري تطوع للاحتفاء بهما ...وهكذا عاش المغتربون ليلة عراقية رائعة تعارفوا فيها وتغنوا باسم بلدهم وجعلوا العريسين يشعران بأنهما مازالا في حضن العراق ...
هل هي الغربة التي دفعت كل هؤلاء الاشخاص الغرباء عن بعضهما الى تلبية هذه الدعوة بحماس وحب ووطنية ، ام انها حقيقة الشعب العراقي التي اتضحت بعمق خارج حدود الوطن في ظل غياب السياسيين وبرامجهم السخيفة ومؤامراتهم الدنيئة وفسادهم العفن ...هكذا هم العراقيون كلما ابتعدوا عن التفكير بولاء او انتماء لطائفة او مذهب او قومية ما ..وهكذا هم كلما فكروا بمنطقية وتجرد وادركوا حقيقة مايحاك ضدهم وضد بلدهم من دسائس تقودهم الى الانهيار وتقودهم الى التفكير بعشوائية وتخبط والتصرف احيانا بطريقة تفاقم سوء الاوضاع وتحقق للسياسيين غاياتهم في تقسيم الشعب واذلاله ليكون طوع يمينهم ويعود ليرفعهم على نفس المقاعد بناءً على انتماءات وولاءات بالية ...
في ما يخصنا ، نحن الداعين الى نبذ الطائفية والتعصب والباحثين عن المعدن العراقي الاصيل والنفيس ،ندعو اولا الى تجنب النقاشات السياسية العقيمة في اماكن العمل ونناشد العراقيين ان ينظروا بحب وانتماء لبلدهم ولكل من يعشقه وان يرفضوا كل الساعين الى دماره ابتداءً من السياسيين والاحزاب والفئات المتعددة التي تحفرحوله خندقا من الطائفية وصولا الى من يؤيدهم ويؤمن بهم عسى ان تبتلعهم آبار الحقد التي حفروها لنا وان يعملوا على تصفية بعضهم البعض ليصح المثل الذي يقول "إن من حفر بئرا لأخيه وقع فيها" ...

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram