كلما خدع مسؤولو الرياضة انفسهم بأننا نعيش واقعاً رياضياً مثالياً بسبب وجودهم المستمر في المناصب وعملهم على رعاية جميع الألعاب من دون تفرقة وانهماكهم في رسم ستراتيجيات المشاريع المؤمل ان تعجّل من تطوّرها، سرعان ما تكشف كرة القدم عن ضحالة الواقع الذي يعيشون فيه بانجذابهم اليها مثل روّاد المدرجات تحت تأثير "الهوس الفطري للعبة" متناسين مشاغل كبيرة لا تقل أهمية عن مؤازرة منتخب البلاد في بطولة ما مثلما تشهد العاصمة القطرية الدوحة اليوم واحدة من البطولات التي اصابت مؤسساتنا الرياضية بالشلل والخمول الناجمين عن مرض (لعنة الكرة)!
كنا قبل أيام نترقب نتيجة المنتخب الأولمبي أمام شقيقه اليمن برسم بطولة كأس أمم آسيا تحت 23 سنة وتمكّن من طمأنتنا قليلاً بأنه قادر على تحقيق هدفه في المجموعة إذا ما بسط سيطرته وقهر غريمه الأوزبكي في لقاء جرى بساعة متأخرة من ليلة أمس، وسواء نجح في مساعه أم لا، هناك مباراة ثالثة مع المنتخب الأصعب كوريا الجنوبية بعد غد الثلاثاء، وفي كل الأحوال لا يمكن التكهن بما تسفر عنه حركة الكرة في ظل حسابات معقدة تدخل فيها عوامل فنية وبدنية ونفسية تجتمع معاً لتعضّد مهمة المنتخب أو تعجّل في انهياره، ومهما كانت النتائج فالمشاركة تأتي في المستوى الثاني ضمن اهتمامات العالم في شؤون الكرة.
للأسف،هذه الرؤية معدومة لدى مسؤولي الرياضة عندنا، بدليل أن الدوحة شهدت ولم تزل إقبالاً واسعاً من مختلف مسؤولي اللجنة الأولمبية واتحاد الكرة وبعض الأندية وممثلي المحافظات لحضور البطولة وكأنها الملاذ المناسب لإنهاء جميع مشاكل الرياضة وخلافات القائمين عليها، ذهبوا سُياحاً مُكرّمين على نفقة الشعب، أموال طائلة تهدر بلا وجع، وإيفادات لم يجرؤ أحدهم على إيقافها أو محاسبة المخالفين طالما ان التوصيفات التي تضمّنها أمر الإيفاد والأعداد اللاحقة التي يُعزى حضورها للمجاملة لا تتناسب مع حجم الضرر الذي يتعرّض له العراق مالياً ويحتم على الجميع التحلي بضبط الانفاق!
ردود أفعال واسعة في وسائل الإعلام والوسط الجماهيري لم تقف عند حدود عدم تقليص بعثة المنتخب من إداريين وملاك تدريبي مثلما تم ابعادهم الى المدرجات في لقاء اليمن وبقية المباريات ،فإن السخط أمتد لشخصيات قيادية وإدارية في اللجنة الأولمبية لم يجد الرأي العام بحسب ما طالعنا عِبر مختلف الشرائح أي دور لها في الدوحة سوى قضاء فترة استجمام وتأمُل هرباً من الضغوط والالتزامات.
هل تستحق بطولة آسيا تحت 23 عاماً أن تفرّغ المؤسسات الرياضية ملاكاتها وتتوقف الأنشطة وأبرزها دوري الكرة الممتاز "عصب حياة اللعبة" وأن تمنح الأولمبية نفسها أجازة وتهمل ملفات كثيرة منها قانونها المغيّب وأزمة انتخابات الأندية التي أسقطت قدم الأولمبية نفسها في وحل صراع وزاري غير مُبرر إلا لأغراض شخصية تهدد مناصب من أكمل 8 سنوات أو من ظنَّ استمرار (فهلوته) باللعب على حبال القانون والفلسفة الإدارية والتباكي على مصير الرياضة في حال خلت من أمثاله سيبقيه في وضع آمن من الإقصاء والتغيير؟!
الجزء الأكبر من سياسة تهميش الانتقادات واللامبالاة لنداءات التحذير التي دأبت عليها اللجنة الأولمبية ومعها اتحاد كرة القدم ومفاصل أخرى في قطاع الرياضة تتحمّل نتائجه لجنة الشباب والرياضة البرلمانية كونها ليست بمنأى عن المسؤولية طالما انها فضحت الأخطاء، واكتفت بالشجب وتوعدت بالتحقيق لأكثر من قضية من دون أن تراجع بياناتها للإعلام مرة واحدة لتقرّ بأنها شريكة مرحلة لا يُبرِّئها صمتها.
سيّاح على نفقة الشعب
[post-views]
نشر في: 16 يناير, 2016: 09:01 م