TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ربع قرن على عاصفة الصحراء

ربع قرن على عاصفة الصحراء

نشر في: 16 يناير, 2016: 09:01 م

كل صحف العالم بدأت منذ ايام تستذكر ما حصل بين العراق والعالم قبل ربع قرن. ففي مثل هذا اليوم كنا نخوض حربا مع تحالف دولي يستعد لطردنا من الكويت، ورئيسنا يعدنا بالنصر، ولا احد يصدقه طبعا سوى العجوز اليمني في النكتة التي رواها لي الاعلامي والمنتج التلفزيوني الصديق المهذب عباس راضي.
وتفترض الحكاية ان اليمن تعرضت لازمة مالية خانقة وعجزت الحكومة عن دفع مرتبات الموظفين، فاجتمع كبار القوم وشيوخهم لتدارس الازمة المتفاقمة، من اين ندبر الفلوس ونؤمن الخبز ونسدد الديون المتراكمة، وبدأ كل بطرح رأي او بملامة الحكومة ونقص حكمتها وفساد الزعماء، ثم ظهر عجوز عركته السنون والاعوام، فطرح رأيا اسكت الجميع. قال، ماذا لو جاءت دولة عظمى واحتلت اليمن؟ أليست تصبح مسؤولة عن اطعام الناس وتسديد المرتبات وتمشية الامور؟ قالوا نعم، ولكن كيف نقنع دولة عظمى باحتلال اليمن؟ اجاب: نتحرس بسفن اميركا في البحر وبسواحهم في البر ونشتمهم في الصحافة ونهدد مصالحهم التجارية بما نستطيع، فيدخلون حربا معنا، ويتورطون وينتصرون علينا ثم ينفقون لإطعامنا. وقد ساد صمت وانبهار بهذا الحل والفرج، لكن شيخا احمق في الزاوية سأل: ايها الناس، عليكم ان تفكروا بهدوء، فماذا لو دخلنا حربا مع اميركا وانتصرنا نحن عليها، فكيف سنقوم حينها بإطعام الشعب الاميركي بملايينه الكثيرة ونحن عاجزون عن اطعام شعبنا بالاساس؟
ويبدو لي احيانا ان زعيمنا الاسبق صدام حسين كان مثل اليمني الاحمق، يفكر بأن هناك احتمالات لانتصارنا على اميركا والدول العظمى في حرب عاصفة الصحراء، فلعل السوفيت يزعلون ويهددون العم سام، ولعل الشعب السعودي يثور مثلا ويطرد اميركا من المعسكرات الصحراوية، بل لعل ملائكة تسارع للطير الابابيل فيقصفون المارينز بحجارة من سجيل.
لابد ان صدام كان في لحظات عصيبة يفكر بأشياء من هذا القبيل، ناتجة عن اليأس والرعونة وتذوق مرارة نقص التدبير والجهل بالسياسة.
وبعد ربع قرن، ماذا حصل، وهل اعدنا الاعتبار لاهمية التعقل، ام انجرفنا وراء مزيد من التطرف والموت؟
عام ١٩٩١ كان قادة المنطقة يضحكون على صدام وثوريته ورعونته وتسرعه، ويستعيذون بالشيطان منه، اما اليوم وبعد ٢٥ عاما فانك تشاهد اشباه صدام في التسرع واحتقار العقل، اينما ادرت رأسا يمينا وشمالا، ومن حق صدام ان ينظر الينا من نافذة في الجحيم ليسخر من الجميع، الذين صاروا يشبهونه. بل حتى مثقفينا الليبراليين الديمقراطيين انخرطوا اليوم في حرب الطوائف والمناطق، وتحولوا من دعاة تعقل مفترضين الى مصفقين للحرب ومعارضين للصلح، وساخرين من السياسة المعتدلة.
ختاما، ألا يوجد يمني اليوم يقترح على العبادي ان يتحرش بدولة كي تحتلنا وتدفع رواتبنا حتى يعاود النفط الارتفاع مرة اخرى، ام ان الدنيا تعلمت الدرس ولن تتورط ابدا باحتلال هذا العراق المنقسم على نفسه ثانية؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي

إدارة الاقتصاد العراقي: الحاجة الملحة لحكومة اقتصادية متخصصة

د. سهام يوسف بعد مصادقة المحكمة الأتحادية على نتائج الانتخابات الأخيرة، يقف العراق على أعتاب تشكيل حكومة جديدة. هذه الحكومة ستكون اختبارًا حقيقيًا لإصلاح الاقتصاد العراقي المتعثر، حيث تتوقف عليه قدرة البلاد على مواجهة...
سهام يوسف علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram