اعتبرت صحيفة Deutsche Welle أنه مع إدراك الحكومة الألمانية جيدا مدى بُعد تصرفات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن القيم الأوروبية، إلا أنها تدرك في الوقت نغسه أهمية التعاون معه.وكان ممثلو المعارضة البرلمانية الألمانية قد أشاروا مرارا الى "خطايا" أردوغ
اعتبرت صحيفة Deutsche Welle أنه مع إدراك الحكومة الألمانية جيدا مدى بُعد تصرفات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن القيم الأوروبية، إلا أنها تدرك في الوقت نغسه أهمية التعاون معه.وكان ممثلو المعارضة البرلمانية الألمانية قد أشاروا مرارا الى "خطايا" أردوغان، مؤكدين أن الحرب ضد الأكراد، واعتقال الصحفيين، وتوريد السلاح لتنظيم داعش في سوريا، تعطي أسساً كافية للامتناع عن التعاون مع أنقرة.وقد أعلن عضو الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني كارل خاينتس برونير خلال اجتماع دوري للبوندستاغ: "نعم، أردوغان يلاحق الأكراد ويمسح رجليه بحرية الكلمة، ولا أحد في هذا المبنى يشك بذلك". ولكن، وبغض النظر عن ذلك، فإن الحكومة الألمانية تنظر الى تركيا والسعودية كـ "مرساة استقرار" في منطقة الشرق الأوسط. وتصر برلين على أن استمرار علاقات الشراكة مع هاتين الدولتين يبقى السبيل الوحيد لمواجهة الإرهاب وعدم السماح بتصاعد مشكلة اللاجئين.إلا أن الصحيفة تشير كذلك الى سبب آخر في ذلك، إذ يقول الخبير الألماني في السياسة الخارجية، عضو حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي رودريخا كيزيفيتيرا، أن ألمانيا تحاول من خلال تعزيز العلاقات مع تركيا والسعودية زيادة الثقة من أن الوضع في الشرق الأوسط، الذي يدخل ضمن مصالح الاتحاد الأوروبي، لن يخضع لسيطرة دول مثل روسيا وإيران.من جهته قال محرر الدفاع في التلغراف كون كوغلين إن موقف الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في ما يتعلق بالحرب على تنظيم داعش، هو موقف مشوب بالتناقضات.وأوضح - في مقال نشرته الصحيفة - أن أردوغان، من ناحية، كقائد بلد يعتبر حليفا رئيسا للناتو، يصرح بالتزامه بتدمير هؤلاء المتعصبين المحاولين بناء خلافتهم في الجوار السوري، ويسمح لطائرات مقاتلة أميركية باستخدام قاعدة انجرليك الجوية، بل ويعطي تعليمات للقوات التركية بشن هجمات على مواقع لـداعش في سوريا.وهو من ناحية أخرى، برغم ترديده أن تركيا هي الهدف الأول لكافة الجماعات الإرهابية بالمنطقة، إلا أن شكوكا قوية لا تزال قائمة بأن أردوغان متهم بممارسة الازدواجية؛ إذ يغض الطرف عن أنشطة التهريب المثمرة عبر الحدود التركية.
ومن المستبعد أن تستطيع داعش الاستمرار في محاولاتها تأسيس خلافتها دونما التدفق المستمر للأموال والمجندين الجدد العابرين بانتظام للحدود التركية. وعلى الرغم من المطالب المتكررة من جانب حلفائها في الناتو بأن تتحرك تركيا لغلق مسارات تهريب داعش، فإن أنقرة طالما كانت متقاعسة عن التحرك بجدية، الموقف نفسه تجلى في طريقة التعامل مع أزمة المهاجرين الذين باتوا الآن يهددون أمن الحدود الأوروبية؛ إن الغالبية العظمى من المليون مهاجر الذين نزحوا إلى أوروبا على مدار العام الماضي سلكوا طريقهم إلى القارة العجوز عابرين بحر إيجه من تركيا إلى الدول الأعضاء الاتحاد الأوروبي أمثال اليونان.ولوقف هذا الطوفان من البؤس البشري، تعهد قادة الاتحاد الأوروبي في تشرين الثاني الماضي بأكثر من ملياري استرليني في صورة مساعدات طوارئ لتركيا مقابل تعهد من أنقرة بالحمل على عصابات تهريب البشر المروجين لتلك التجارة.وفيما غمرت الفرحة أردوغان لدى قبوله النقد الأوروبي، فإنه لم يتحمس في المقابل للحد من تدفق أمواج النازحين في الوقت الذي يحذر فيه مسؤول كبير بالاتحاد من أن أمواج المهاجرين الراهنة إلى أوروبا لا تزال مرتفعة؛ في وقت تشير فيه التقديرات إلى أن نحو 3 آلاف يصلون يوميا إلى أوروبا. لكن بعد الهجوم الانتحاري الأخير في اسطنبول - الذي نفذه إرهابي يشتبه في انتمائه لداعش - بعد هذا الهجوم يبقى السؤال هو عما إذا كان أردوغان يستطيع الاستمرار على موقفه المتناقض إزاء الأزمة السورية؟ إن أية مساعدة قد تكون السلطات التركية قدمتها لـداعش، فإنها تمت على أساس أن الدواعش في حرب مع الأكراد، الذين يعتبرهم الأتراك تهديدا أكبر خطرا على أمنهم البعيد المدى.ظل هذا الموقف قائما حتى هدد تنظيم داعش الأمن التركي عبر هذا الهجوم الانتحاري الأخير الذي لو ثبت، كما هو مرجح، ضلوع التنظيم فيه، فإن هؤلاء الإرهابيين سيكونون قد تخطوا بذلك خطاً أحمرَ مهماً للأتراك، الأمر الكفيل بأن يكون له عميق الأثر على مستقبل حملة الائتلاف العسكري ذات القيادة الأميركية لتدمير داعش.وعلى الرغم من أهمية الدور الذي قد تضطلع به قوى إقليمية أخرى لحل الأزمة السورية، إلا أن تركيا يمكن أن تضطلع بدور أكثر محورية في تلك الأزمة من أية قوة إقليمية أخرى، شريطة أن يقرر أردوغان الجانب الذي يقف إلى جانبه في الصراع الوحشي السوري. ويتطلب القيام بدور بناء في حل الأزمة السورية،أن يبدأ أردوغان بالتخلص من الوساوس المتعلقة بالأكراد وطموحات استقلالهم.
واختتم كوغلين بالقول إن هجوم اسطنبول الأخير جدير بأن يجعل أردوغان يُعيد ترتيب أولوياته، بحيث يكون على رأسها الحيلولة دون المزيد من الهجمات الإرهابية، وعليه يكون التحرك الأمثل هو دعم الحملة الدولية لتدمير داعش.