في حومة المشاهد الدامية التي تفاجئنا برزاياها كل هطول ليل ، وكل طلوع شمس ،، من ذا يأبه لموت وردة ذبلت عطشا ؟ من بوسعه تلمس ضوء فجر والعيون مقرحة حزنا والسماوات ملبدة بالغيوم ؟ من ذا ينتشي بشذى طلع نخلة عشش فيها الدوباس ، وانتزع منها شميمها ورياها ؟
……….
بالأمس القريب ، رحل الصكار محمد سعيد ، وقبله وبعده آثر الرحيل كثير من العراقيين المبدعين المغتربين ، وما كان امامنا من عزاء إلا الاغتراف من بئر الأحزان ، وارتشاف المر حتى الثمالة .
اقرأ خبر رحيل الصحفي ، الناقد ، الباحث محمد الجزائري ، وأفزع إذ يأتيني -من بعيد - صوته المشوب بالحنين : تعجبين من سفري … مقامي في الغربة هو العجب .
شريط الذكريات يمر سريعا ، يوم كنت احرر في جريدة الجمهورية ، وكان الجزائري مشرفا على إصدار ملحقها الثقافي الإسبوعي . كان حين يفتقد المادة ، يعيد نشر حلقة سابقة لئلا تغيب الصفحة عن الأذهان .
أعجز عن تعداد إسهامات محمد الجزائري : الثقافية ، الفنية ، النقدية ، المبثوثة في كتاب ، او صحيفة ، او محاضرة .وكان آخر لقاء لي معه في رواق بينالي الشارقة الدولي للفنون ، يومها أهداني كتابه الثقافي الفني : (الجمال المأمول ) .
— لسلام ، ولجمال مأمول : وطن وقلب وشعب ، التوقيع : محمد ، بصرة - الشارقة / ٣١/ ٣/ ٢٠٠٣
لم ينس البصرة ، حملها طي ضلوعه مقيما ومرتحلا ، كطفل بريء يرفض أن يكبر لئلا تغادره براءته .
………
الله ، الله لعراق رحل عنه المبدعون ، وظل مقيما طي أحداقهم والصدور .
الله الله ، من قسوة عراق . ينبذ ويتنكر لبنيه المبدعين أحياء، ليستقبلهم بالأحضان : شرط الموت .
الله ، اللللللللللللله!.
ثنائية الحضور والغياب
[post-views]
نشر في: 17 يناير, 2016: 09:01 م