سألني أصدقاء كٌثر، لماذا توقفت عن الكتابة ..؟لم أجد ما أرد به غير أنني أراهن على ما يكتبه عني متظاهرو ساحة التحرير وساحات الوطن المفجوع بأولياء أمره. وقد يكون من بين أسباب أخرى، بقية أمل في إصلاحٍ موعودٍ وتغييرٍ يبدو أنه سيظل في باب الأمل المؤجل .
و
سألني أصدقاء كٌثر، لماذا توقفت عن الكتابة ..؟
لم أجد ما أرد به غير أنني أراهن على ما يكتبه عني متظاهرو ساحة التحرير وساحات الوطن المفجوع بأولياء أمره. وقد يكون من بين أسباب أخرى، بقية أمل في إصلاحٍ موعودٍ وتغييرٍ يبدو أنه سيظل في باب الأمل المؤجل .
ومنذ إحلال حكومة السيد العبادي وأنا أمنّي النفس مع مهمومين آخرين، بأن الصبر الجميل على المكاره قد يفضي الى تقوية عزيمة من عٌقِدت عليه الآمال في إجراء إنعطافة محمودة تعيد الإعتبار لإرادة العراقيين الذين إزدادوا يقيناً بأن ارادتهم قد أُستلبت، وإن ما هو قائمٌ من أوضاع شاذة على كل صعيد لم يعد ممكناً التعايش معه والسكوت عليه ..
ورغم مرور أكثر من عامٍ على التغيير الفوقي الذى إستبشر به العراقيون، فإن ما كان من أسبابٍ للإحساس بالضيم والمكاره والقلق على ما تبقى من أشلاء الوطن المستباح، ظل على ما هو عليه، إذا ما أخذنا ما يشكل جوهر الأنحدار والانحطاط الذي هيمن على المشهد السياسي ومكوناته، وشكّل حوامل للتردي وحواضن للفساد، ورموزاً للقرار، وهي مجتمعة تشكّل أدوات التآكل في جسد ما أصبح معروفاً بـ " شبه الدولة " العصيّة على النهوض من تحت الرماد !
والعودة الى الكتابة بعد طول إنقطاع يحملني عبئاً إخلاقياً يتمثل في ما يبدو انه إستحقاقٌ سياسي يُلزمني بالتوقف عنده والكتابة عنه، وهو ما يضعني أمام اجترار كل ما كتبته عن أسباب الانحدار والتفسخ السياسي والمسؤولين عنه، وما ينبغي العمل عليه للخروج من المتاهة التي وضعتنا على عتبة الضياع فيها والشك بإمكانية الإمساك بخيط الخروج منها ..!
وأول استحقاقٍ قد يفرض نفسه عليّ بعد هذا الصمت الطويل، تقييم عملية الاصلاح وما وضعه رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي من " حُزمٍ اصلاحية "، ومآل تلك الحزم، وما إذا كان بإمكانه تطبيقها كما يأمل العراقيون، وهل أن ما أُخذ به منها حتى الآن يرقى الى مستوى الاصلاح الذي يُخرج البلاد من " أوتوستراد " الفساد المستشري المهيمن، والتفسخ السياسي الذي يشكل بيئته وحاملته الضامنة دونما رادعٍ أو وازعٍ أخلاقي أو ديني أو سياسي .
لكنني رغم هذا الذي يبدو مُحبطاً، نويت أن أعاود الكتابة، دون أن يتلبسني الوهم من جانب أو الخدر من جانب آخر. ورهاني على ما تبقى لي من أمل ظنين، وفسحة في الوقت الضائع بين يقظة الوعي وضياع الصبر في متاهة الانتظار ..!
سأعاود الكتابة مع يقيني بانها لم تعد فعل قرارٍ أو أداة ردعٍ كما هي عليه في مجتمعاتٍ معافاةٍ من أدران الفساد والعبث بالقيم والمقدرات والقانون وحتى الأعراف الاخلاقية التي تشكل نسيج المجتمعات الموغلة بالتخلف..
وأول ما يأتي ذكره في مثل هذا المورد، ولدى التوقف عند حصيلة الاصلاح والتغيير : تواصل ما كان عليه الوضع بكل جانبٍ من جوانبه على ما كان عليه من أسباب التدهور والانحطاط، وبقاء ما شكّل إيقونة ذلك الوضع ومنصاته، كما لو أنه مُبرّءٌ من خطايا ما آلت اليه حال البلاد والمبتلين من رعاياها " المستنكفين" لشدة ما أصابهم من ضيمٍ ، حتى على مواصلة الاحتجاج ..!
ظل أساطين الفساد وحماتهم في حرزٍ أمين عن المساءلة والملاحقة والعقاب ... وبقيت مواقع المتنفذين منهم في كل مسامات الدولة وأجهزتها، حتى وإن تنحّى البعض منهم عنها شكلاً، حصناً عصياً على المنازلة ومرتعاً خصباً للعبث بالمال العام والجاه والقدرة على الترهيب والترويع والترغيب المستتر..!
وبفعل فاعلٍ غدّار، تحولت المواجهة الوطنية لداعش الى إستنزافٍ لطاقة الوطن المبتلى، وفرصة مخاتلة لبعضٍ يعرف كيف يُقلّب المواجع الى مراثي يستزيد بها من حصاد الحرب، ليحولها الى مزيد من تهديدٍ للآتي، إن كان ممكناً، من تحولٍ في المسار الى مرافئ الأمل والتغيير الفعلي المبشر بالاستقرار والديمقراطية وتصفية ولّادات الحواضن المتقابلة لترويع المواطنين وكسر أرادتهم والتطويح بتطلعاتهم للخلاص من الطائفية ومحاصصاتها وما تنتجه من شرورٍ وتداعيات ...
أعاود الكتابة وأنا أنتزع نفسي من رُهبة الإنحدار الى حالة لا مبالاة وتعبٍ، أقاومها على ما أنا فيه من وهنٍ ومكابدة وقلة حيلة ..
لعل العود أحمد ..!
جميع التعليقات 1
رعد محمد
ان شاء الله العود احمد