تصادف هذا العام ذكرى مرور مئتي عام على ميلاد الكاتبة الانكليزية شارلوت برونتي، مؤلفة الرواية الشهيرة " جين آير "، يوم 21 نيسان1816. وقد انشغلت جمعية برونتي في هورث بارسونيج في نشاط دائب استعداداً للمناسبة، حيث ظلت كلير هارمان تعيد سردها الرائع لقصة ش

تصادف هذا العام ذكرى مرور مئتي عام على ميلاد الكاتبة الانكليزية شارلوت برونتي، مؤلفة الرواية الشهيرة " جين آير "، يوم 21 نيسان1816. وقد انشغلت جمعية برونتي في هورث بارسونيج في نشاط دائب استعداداً للمناسبة، حيث ظلت كلير هارمان تعيد سردها الرائع لقصة شارلوت، الذي يركز على : الابداعية الاستثنائية للأخوات برونتي الثلاث اللواتي قضين معظم حيواتهن القصيرة هنا في قرية هورث، وانطوت أقدارهن المأساوية على كل دراما مسار حبكات واحدة من رواياتهن الشهيرة. و" لا يمتلك  الأدب القصصي ما هو أكثر عنفواناً وتحريكاً للمشاعر يضفيه عليها "، كما جاء فيما كتبه ج. هـ. لويس عن سيرة حياة شارلوت، لصديقتها الآنسة غاسكل.        
و يتناول كتاب ( شارلوت برونتي: حياة )  لكلير هارمان المقارنة بين حيوات أسرة آل برونتي المحصورة في نطاقها المنزلي والمدى الواسع لتخيلاتهم القصصية. فقد كانت شارلوت، من سنٍ مبكرة، وأفراد أسرتها، مصممين على أن يكونوا كتّاباً محترفين. وحكايات شارلوت و غرامياتها، المؤلفة أحياناً بالاتفاق مع أخيها برانويل، في نص صغير لا يُقرأ بالعين المجردة، تعطي انطباعاً عن قوةٍ إبداعية تُفضي إلى حافة الجنون.  
وقد انسحبت شارلوت، وهي تتجه للنضوج، إلى هذا العالم التخيلي، أو الواقع المتعالي، كمهرب من خشونة الحياة خارج منزل الكاهن ــ سواء كمدبّرة مزاجية لأسرة غير عاطفية أو مؤلفة رواية ( جين آير ) الحسّية، المترددة في أي تفكير لشخصية أدبية حتى في رفقة بطلها، ثاكيري ( الروائي الانكليزي 1811 ــ 1863 ).
وتفتتح هارمان كتابها بمقصورة الاعتراف في كاتدرائية سَت ــ غيوديول، في بروكسل، حيث ذهبت شارلوت للاعتراف بحبها غير المتبادل لكونستانتين هيغر، الذي كان يقر بعبقريتها ويشجعها على ذلك. وتشك هارمان في أن تكون شارلوت قد سمحت بمشاعر الحب المحظور، لكنها تتركنا على يقين من أن وقت شارلوت في بروكسل كان التجربة الأهم الوحيدة في حياتها. وذلك واضح من عمليها الآخرين،  "فيوليت" و "البروفيسور". وقد ترددت ذكرياتها مع هيغر في وصفها لروشستر في روايتها "جين آير" و في تصويرها الأخوة مور البلجيكيين في روايتها " شيرلي". لكن الأكثر إثارةً للانتباه هو إشارة هارمان إلى استطراد استبدادي في "شيرلي"، حيث تهاجم شارلوت على نحوٍ معيب زوجة هيغر باعتبارها "أمكر و أبرع مدبرة مكائد في أوروبا ".
فإذا ما بدا القسم الأول من حياة شارلوت أنه الحكاية الأخيرة لسندريلا أدبية، فمن هم الأوغاد في القصة، يا ترى؟ أبوها باتريك برونتي بالتأكيد، الذي يُشاهَد هنا باعتباره أناني  egotist العائلة المعتزل الذي يضع الحفاظ على الذات فوق الكثير من الأمور الأخرى. وربما جورج سمث، ناشر شارلوت، الذي لا يبدو أبداً وقد فوّت فرصة ليخبر الأجيال القادمة كم هي بسيطة و مفتقرة للسحر الأنثوي كانت شارلوت ( وقد اكتشفت هارمان صورة ذاتية لشارلوت، مخربشة على ظهر خارطة، تبدو فيها نفس صورة جين آير وهي تحدّق في انعكاس شخصها في المرآة ). فماذا عن كونستانتين هَيغَر؟ هل كان عاطفياً أبداً نحو المرأة الانكليزية الشابة المفرطة الحساسية؟ لقد نال من دون شك توبيخاً منها حين كتبت في " شيرلي" قائلةً إن  "عاشقةً أنثى" لا يمكن أن تلتمس تفسيراً حين يكون الرجلٌ بارداً مع امرأة استحوذ على حبها بإهمال.
وقد كتبت شارلوت بعد الموت المتعاقب السريع لأخيها برانويل، وأختيها أيميلي وآن، قائلةً:  " قبل عام لو كان نبي قد نبّهني كيف ينبغي أن أصمد .. كيف أتجرد و أتفجع .. كان ينبغي أن أكون قد فكرت ــ لا يمكن أن يطاق هذا أبداً ". فلا عجب في أنها اختارت في الآخر أن تتزوج آرثر نيتشولس، مساعد أبيها في  الأبرشية، وهو رجل طيب، وإن كان محدود التفكير، مجرداً من الرومانسية. ولا يفوت المؤلفة شيء من التكدر الشديد لموت شارلوت المبكر في أثناء الحمل. وكما كتبت شارلوت في رثائها لوسي سنو : " لا داعي لأن يكون طوق حياتك كامل الاستدارة؛ فمرحلة الهلال ولا بد كافية بالنسبة لك "!
 عن: The Spectator