300 مليار دولار إيرادات  السياحة السنوية أين؟ في بلاد السيد شينزو آبي ، رئيس الوزراء الذي شوهد قبل سنوات يقف في طابور طويل لاقتناء نسخة من رواية مواطنه هوراكي موراكامي  وحين تسأله مراسلة صحفية  ماالذي يجده في أدب يريد ان يقدم  لنا ابطالاً يضجرون من العمل ، يبتسم ويجيب بهدوء :  أشعر اننا جميعا مثل ابطال موراكي  ، نريد ان نحول البلد الى ما هو أفضل من الخيال .
اعود للرقم 300 مليار الذي نبهنا اليه الصديق حسن الجنابي سفير العراق في اليابان ، وأتساءل ما حجم موازنة هذه الدولة التي خرجت عام 1945 من ركام الحرب ، وكان قراراها الوحيد  الانتصار ، لا بخطف جنود اميركان ، ولا بمنع الجيش من دخول المدن من اجل عيون العشائر المسلحة ، بلاد إله الشمس طلبت من  المحتل ان يساعدها في صناعة السيارات والقاطرات ، لقد رفضت اليابان الدخول في دوامة النزاعات  وحين قرر البرلمان الياباني السماح بارسال قوة صغيرة للمشاركة في حفظ السلام خارج اليابان كان الروائي هوراكي موراكامي وسط عشرات الآلاف  يرفعون لافتات تندد بالقرار ، فلا عودة لمآسي الحروب  ،  ولا عودة لبطل اورويل في 1984 ،  ليذهب العالم كما يشاء  يصرف أمواله على  السلاح والقنابل وقاذفات الطائرات   ، فأموال الموازنة التي تبلغ سنويا 5 ترليونات دولار مخصصة لرفاهية الشعب ، من منكم قرأ هذا الخبر المثير والذي لايحدث إلا في بلد  مثل اليابان ،  فقد قررت الحكومة اليابانية الإبقاء على محطة قطار في بلدة نائية  ، لاتستخدمها سوى راكبة واحدة  ، ﻭﻫﻲ ﻓﺘﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ، ﻛﻤّﺎ ﻗﺮﺭﺕ الحكومة ﺃﻥّ ﺗُﺒﻘﻲ ﺍﻟﻤﺤﻄﺔ ﻗﻴﺪ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﻥّ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺎﻟﺒﺔ ﻣﻦ ﺩﺭﺍﺳﺘﻬﺎ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ .
هناك دول تنهض من ركام العدم لتصبح أغنى الاقتصاديات  وتتفوق في الرفاهية والعدالة الاجتماعية ، ودول تتحول الى مخيمات للاجئين والمشردين ، وسجلات بعدد القتلى والمخطوفيين  ، 5 ملايين لاجيء عراقي ، هو أعلى رقم منذ حطت الحرب العالمية أوزارها . وثمّة أرقام أخرى هي أرقام خزائن  الساسة السرية التي  حوِّلت اليها أموال البلاد في وضح النهار .
يبتسم هوراكي موراكامي وحين تسأله صحيفة نيويورك تايمز عن روايته   وعلاقتها برواية اورويل  الشهيرة 1984  : " حذرنا اورويل من   مجتمع  عدمي لا قيمة  فيه ولا كرامة  لشيء سوى الخوف،  لذلك فإن أول ما يفعله  ابطالي هو تدمير المعابد ، لكي لا يخرج علينا اخ كبير اخر"
نحن ياسيدي لا نزال نهتف للاخ الاكبر ، ، فهو الذي يطلب كل صباح  المشورة  من طهران ، وهو الذي ينتظر تعليمات أردوغان، أما المواطنة  فهذه الكلمة أصبحت قديمة .