يؤكد القاص حمودي الكناني ان القصة القصيرة جدا جنس ادبي عراقي قديم قدم ملحمة كلكامش نفسها . ويعد ان الادب في وادي الرافدين كان مزدهرا وان ظهوره في خمسينات القرن الماضي يأتي لأن لا أحد يتابع الاصل التاريخي لهذا الجنس الادبي.يأتي تأكيد الكناني خلا
يؤكد القاص حمودي الكناني ان القصة القصيرة جدا جنس ادبي عراقي قديم قدم ملحمة كلكامش نفسها . ويعد ان الادب في وادي الرافدين كان مزدهرا وان ظهوره في خمسينات القرن الماضي يأتي لأن لا أحد يتابع الاصل التاريخي لهذا الجنس الادبي.
يأتي تأكيد الكناني خلال امسية اقامها له اتحاد الادباء في كربلاء حول القصة القصيرة وتجربته في كتابتها ،وقدمها الأديب علي لفته سعيد الذي قال ان القصة القصيرة جدا هي لعنة الكتابة السردية في مجال جنس القصة لأن كاتبها قد يغرق في فوضاه إذا لم يكن مدركا لماهيتها ولم يعرف طرق كتابتها ولا يعلم أهمية بلوغها الحدس السردي. وأضاف ان الكناني وهو يمضي في حقول الأدب تعد القصة القصيرة جدا واحدة من اشتغالاته كما يعد هو واحدا من كتابها في العراق واصدر في ذلك مجموعة قصصية واحدة.. ولهذا فإن له رأي فيها يؤكده دائما من انه سليل حضارة قصيرة في هذا الجنس يمجد تاريخيا الى ما قبل الميلاد.
القاص الكناني بدأ ورقته بالقول ان "هذا الجنس الادبي عقدت حوله منتديات ولقاءات ومؤتمرات وندوات ومهرجانات وسجالات حوارية ومسابقات عديدة،مثلما أعدت ملفات متكاملة وشاملة ركزت على هذا الجنس الادبي بغية التعريف به وتقويمه سلبا وايجابا وتوجيه كتابه توجيها صحيحا" . ويشير الى ان "ظهور القصة القصيرة جدا قد بدأ في مطلع خمسينات القرن الماضي فإننا نجد من يؤكد ان أول من كتب في هذا لمضمار هو المحامي العراقي عمانوئيل رسام سنة 1930 وحملت قصته عنوان (موت فقير) ثم كتب قصة عنوانها "قصة قصيرة جدا" ، وهكذا يكون عمانوئيل رسام قد سبق نتالي ساروت بسنتين فهي بدأت كتابة هذا الجنس عام 1932 وهي لم تكن بالحقيقة قصصا قصيرة جدا وانما انفعالات". ويوضح الكناني ايضا انه اذا كانت من سمات القصة هي السخرية فإننا نجد أدب وادي الرافدين يزخر بنصوص قصيرة جدا من هذا القبيل وقد وجدت في كتاب العالم الاثاري طه باقر مقدمة في تاريخ العراق القديم وتحت عنوان ادب السخرية والغزل نصوصا كثيرة.. ويؤكد من جديد ان لا مجال للقول ان منشأ هذا الجنس الادبي ليس عراقيا اذا ما علمنا أن الادب في وادي الرافدين كان مزدهرا وابرز شاهد على ذلك هو ملحمة كلكامش الخالدة.الامسية شهدت العديد من المداخلات بدأها الباحث حسين الجبوري بتأييده للكناني حين ارجع القصة القصيرة جدا الى الحضارات العراقية القديمة، منبها الى ان العصر العباسي ايضا كان فيه مثل هذا الجنس الادبي معتبرا ان العراق يعد مهد هذا النوع الادبي.. فيما قدم الباحث نعمة الدهش ملاحظتين من ان العراقيين يسبقون البشرية في كل شيء منذ العهد السومري والملاحظة الثانية ان العراقيين في القرنين العشرين والحادي والعشرين صاروا يقللون من شأنهم مما ابعدهم عن تمجيد ابداعهم.
الباحث حسين عبيد عيسى رأى ان القصة القصيرة جدا سلبت المتلقي متعة التلذذ ببلاغة الاديب..فأنا عندما اقرأ قصة قصيرة لأديب عراقي فإنني استمتع ببلاغته وتلاعبه باللغة احيانا ناهيك عن الحبكة..بينما لا أجد ذلك متيسرا في القصة القصيرة جداً..
وتداخل الدكتور علي حسين يوسف بقوله "ان تعريف الكناني لهذا الجنس الادبي امر مفروغ منه ، الا اني اعتقد كما هو الرأي السائد أن ما سمعناه الآن وحسبه المحاضر على انه من القصة القصيرة يعد محاولات كتابية جميلة تواشجت مع الأجناس الأدبية المختلفة فقد كانت أقرب الى نثر جبران خليل جبران اي انها شابهت كثيرا النثر الفلسفي أو اقوال الحكماء وهذا مأزق يقع فيه اغلب أدبائنا حينما يضعون كتاباتهم تحت مسميات أدبية قد لا تتوافق معها".. الشاعر سلام محمد البناي رأى ان في قصص حمودي الكناني القصيرة رسائل وإيحاءات تقترب كثيرا من الواقع وعندما نقرأ ما كتب من قصص قصيرة جدا نجد تلك الموسيقى والانسجام بين حروفها حتى اننا نشعر امام نص شعري تعمد في كتابته الى المزاوجة بين القص والموسيقى.
اما الشاعر رفعت المنوفي فقال ان الفن صناعة الحياة ولكن العواصف التي اشتدت على العراق لم تنصف هذه الاجناس الادبية ولم ار من يقود الحركة لتأسيس مؤسسات ثقافية رغم ان الفن هو صانع الحياة .اما الشاعر حسين الدايني فقال أن الومضة الشعرية يشترط فيها المفارقة بين البداية والنهاية والتكثيف والادهاش وإن القصة القصيرة جدا تشترك بهذي الاشتراطات مع الومضة الشعرية حتى أن البعض يجنسها تحت عنوان الومضة الحكائية وان القصة يشترط فيها الحدث في موضوعها ويعني وجود زمن ومكان .واختتم الشاعر عبد الحسين خلف المداخلات بقوله ان الجدل الذي أحدثه الكناني هو دليل على قوة النص القصصي القصير جدا وخاصة الذي انتجه الكاتب وقرأ له نصا ساحرا حتى اني تساءلت هل يقول قصة ام يسمعني نصا شعريا جميلا؟