TOP

جريدة المدى > عام > ملاحظة لا تدعي النقد.. مسرحية (مكاشفات)

ملاحظة لا تدعي النقد.. مسرحية (مكاشفات)

نشر في: 20 يناير, 2016: 12:01 ص

المسرح العراقي كان في تطلعات مبدعيه الكبار محاولة خاصة للهيمنة على المتعالي في مناخ أسسه فعل ثقافي باهر، ونشاط معرفي خلاق يبدع يوميا ويعيد إبداع العراق في فضاء الصور التي تقاوم بنبل وشراسة نادرة عوامل موته الكثيرة والموغلة في زمن أُريد له ان يكون هبا

المسرح العراقي كان في تطلعات مبدعيه الكبار محاولة خاصة للهيمنة على المتعالي في مناخ أسسه فعل ثقافي باهر، ونشاط معرفي خلاق يبدع يوميا ويعيد إبداع العراق في فضاء الصور التي تقاوم بنبل وشراسة نادرة عوامل موته الكثيرة والموغلة في زمن أُريد له ان يكون هباءً وهاوية وعصفاً وخراباً وفناءً لا يكف عن محاولات الإفناء التي ينوعها، ويكثرها باستمرار اعداء العراق...
اعداء الجمال والحق والمخيلة الابداعية والتحضر، وقيم الحرية الفذة.
كان المسرح احد اهم تجليات ارادة العراق واصراره العميق والتاريخي على الحياة في ابهى تعبيرات العلو..
اذ ان المسرح ومنذ القدم شكل احد عوامل بقائه الراسخ وانخراطه في تاريخ الانسان والجمال العريق..
كان شرطه في ابتكار هويته التي انفتحت كتجربة تريد تكامل ادواتها الانسانية والوجودية على الاخر، وجدت فيه بعدها الحضاري الغائب الضروري والذي لا غنى عنه في تحقيق وجودها الحي المتطور.في هذا البعد الذي هو امتداد جذري عميق لمقاومة القبح والشر والخراب وضياع المعاني.. احتفى كادر مسرحية "مكاشفات" التي كتبها الفنان الكبير قاسم محمد واخرجها الفنان المعروف غانم حميد- بطاقة الكائن الذي تواطأت ضد مشروعه الحياتي والحضاري قوى الاحتلال البغيض والعمالة المحلية التي تعاونت معه.
في هذا العمل المجتهد كان الفنانان ميمون الخالدي وشذى سالم فضاء مبتكرا داخل الفضاء المسرحي الاول.. يتكامل ويتجلى بحضورهما المبدع الذي ظل يضيء العتمة البيضاء لخشبة المسرح المفتون بمفردات معرفية استطاعت ان تصنع فروق الفن العالمي التي طمستها الممارسة السياسية السيئة لسنوات الواقع المطعون بصنوف لا تحصى من الانتهاكات الصعبة في ادق تفاصيل وشؤون اليوم المجروح.
ميمون وشذى.. رقصا عواصف الافكار والمشاعر على اصابع المتعة الادائية العالية والذكية . ولانني هنا لا اريد ولا ادعي كتابة النقد لمستوى او بنية هذا العمل المسرحي الجيد الذي اجتهد الجميع في ابتكار شكله وصيغته النهائية، فانني ساحاول قراءة ما لم نتعود مقاربته او قراءته في اداء الممثل المسرحي العراقي (قراءة الفراغ) حيث الفنانة شذى كانت تأخذ إلا لكيان قد من توتر وكهربة ورهافة فريدة . فشذى كانت تستنطق الصمت بغنى لغة تعبيرية لا تموت، واشارات جسدية تملأ الفراغ وتكتبه بوضوح ليشكل مكانها المحيط.
هكذا كان الايقاع يتشكل بين يديها وينشئ من قوة الفراغ الملهم ويستدعي توتره الخاص في المسافة التي تفصلها عن الفنان ميمون المتمكن من أدواته الفنية.
بمهارة عالية وخبرة طويلة نجحت الفنانة شذى سالم بشحن هذا الفراغ وملئه بدلالات حية لا تتوقف عن التعدد والنمو في قول يقوله الفراغ وصمت الاصابع ببيان اعلى من بلاغة الكلام.
ميلان لا يرى للجسد المتوثب المضرج بأعالي شمس النخيل.. اندفاع لغة اصابع راسخة جموح وهي تحاول قول ما لم يقل.
ان (مكاشفات) ،نصا ومخرجا وفنانين، هي صرخة حادة تتصاعد وتتصاعد- معلقة عن سماء بغداد المنتهكة.
وهي بناء وانقاذ العراق من زمن نشهد فيه ذهابه السريع الى فنائه وتفككه وغرقه الذي صنعه الاحتلال الاستعماري، وما جاء به من انظمة تعاقبت منذ العام 1968 و2003 ..والى اشعار آخر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

موسيقى الاحد: "معركة" المغنيات

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

"الشارقة للفنون" تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة

مقالات ذات صلة

عباس المفرجي: القراءة الكثيرة كانت وسيلتي الأولى للترجمة
عام

عباس المفرجي: القراءة الكثيرة كانت وسيلتي الأولى للترجمة

حاوره/ القسم الثقافيولد المترجم عباس المفرجي بمنطقة العباسية في كرادة مريم في بغداد، والتي اكمل فيها دراسته الأولية فيها، ثم درس الاقتصاد في جامعة الموصل، نشر مقالاته في جرية الجمهورية، ومجلة الف باء، قبل...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram