3-5
في عمود الأسبوع الماضي جئت بالحديث عن كاتب مرموق ومعترف به في الأدب المكتوب بالإسبانية، وهو الروائي سيرجيو راميرز، الذي وجد نفسه مضطراً ولكي يمارس نقده للحركة الساندستينية وتنكر الرفاق القدماء لماضيهم وممارستهم ذات الأساليب التي كافحوا ضدها "الفساد والرشوة واستغلال النفوذ"، باللجوء لكتابة الرواية البوليسية.
كوميساره موراليس، الذي بدأ معه في روايته "السماء تبكي من أجلي"، وقدمه لنا هناك بصفته مناضلاً ثورياً سابقاً قاتل في جبال وأحراش نيكاراغوا، كوميساره هذا الذي يملك ساقاً اصطناعية اليوم بعد أن فقد ساقاً هناك، والذي لا يتوقف عن نقد رفاقه القدماء، الذين أثروا بشكل غير مشروع، وكيف أن بعضهم باع نفسه للشيطان، وعمل مع زعماء مافيا الأسلحة والمخدرات (لأن أحداث الرواية تدور في زمن الرئيس اليميني المحافظ والمرتشي أرنولدو المان الذي حكم نيكاراغوا من 1997 حتى 2002 ، والذي تحولت في فترة حكمه نيكاراغوا أو الساحل الكاريبي منها إلى طريق ترانسيت لمافيا المخدرات من كولومبيا إلى هوندوراس وميامي)، كوميسار موراليس هذا، عليه أن يغادر مكتبه هذه المرة في روايته الجديدة، كيف يمارس عمله كوميساراً وقد عاد الساندنستيون للسلطة 2007، "لا مكان لكوميسار نظيف زمن دانييل أورتيغا"، يعلق سيرجيو راميرز ونحن نجلس في مكتبه الوثير الواقع في الحديقة الكبيرة من فيلاه الكبيرة في الحي الأوروستقراطي في ماناغوا، "يجب أن يُطرد موراليس من وظيفته، هذه المرة يعمل كرجل تحرٍ خاص، محله هو محل قديم لبيع الأقشمة في سوق أورينتال في ماناغوا"، وإجابة على سؤال الزائر، متى كان التقى مع مديره السابق أورتيغا، قال أن المرة الأخيرة التي تحدث فيها معه كانت قبل 10 سنوات، "اليوم أراه من وقت إلى آخر، لكن من خلف الزجاج المظلل، وهو جالس في ليموزينه، حيث يقطع رجاله الشوارع عندما يمر، ثم يعلق متأففاً، "ليست تلك الثورة التي كافحنا من أجلها"، "الرشوة والفساد يسودان البلاد، "أولاد أورتيغا الثمانية، هم مثل أولاد سوموزا، يملكون العقارات والشركات"، ثم "أورتيغا تعلم كل حيل رؤوساء أميركا اللاتينية السابقين لكي يبقى على كرسي السلطة إلى الأبد"، زميلته جيوكوندا بلي، إحدى أشهر كاتبات أميركا اللاتينية، وأحد أصوات الثورة الساندنستينية المشهورة عالمياً، تذهب في نقدها باتجاهات أخرى، "ما كافحنا من أجله، انتهى إلى روزاليو موراليس"، تقصد زوجة الرئيس أورتيغا ووزيرة إعلامه، أو "الناطقة الرسمية بكل شيء"، كما تشكو صاحبة "بلاد النساء"، "ليست هناك مناسبة ولا تكون هي حاضرة فيها، هي التي تتحدث دائماً"، وحسب جيوكوندا بيل، "لا يكفيها ذلك، بل تريد فرض نفسها علينا كشاعرة". الإثنان جيوكوندا ورواساليو كانتا صديقتين ذات يوم، "العلاقة انقطعت بيننا، ومنذ سنين"، تقول جيوكوندا، رغم ذلك هي أكثر حذراً بنقدها، على عكس كارلوس تشامورو، أكثر الأصوات النقدية في نيكاراغوا، صحفي مرموق، ومن عائلة بورجوازية معروفة في نيكاراغوا، مدير مكتب مؤسسة برينسا للصحافة والتلفزيون، أبوه بيدرو تشامورو، الصحفي المشهور الذي اغتالته فرق الموت السوداء الفاشية تحت سلطة سوموزا عام 1978، وأمه فيوليتا تشامورو، كانت رئيسة نيكاراغوا من 1990 حتى 1995، يتحدث عن معارضته للنظام بصوت عال، ويشكو غياب الحريات ومطاردة الصحفيين والمعارضين، والرقابة، المفارقة هي أن كارلوس تشامورو أشرف نفسه ذات يوم على تحرير الصحيفة الرسمية للساندنستينيين "لاباريكادا" في فترة حكمهم الأولى، وأن الزيارة الوحيدة التي قام بها إلى المانيا، هي زيارة ألمانيا الشرقية باسم الجريدة الساندينستينة عام 1981، كارلوس الذي كان في شبابه سانديستيناً، اليوم هو أشد معارضي السادنسدتينيين، لأن "ليس هناك ساندسيسمو"، كما يقول بسخرية مريرة، في حفلة العشاء التي أقامها لنا في حديقة فيلته لوفد نادي القلم الألماني، " بل هناك دانيل أورتيغاسمو"، لا يمر يوم ولا تحمل صحيفته المعارضة "لابرنسا"، عنواناً عريضاً يهاجم فيه أورتيغا.
يتبع
رحلة استكشاف أدبية عبر أميركا الوسطى
[post-views]
نشر في: 19 يناير, 2016: 09:01 م