درسٌ كبيرٌ لابدَّ أن يعيه العربُ جيداًً إن عمل منظومة كرة القدم لا يُفرِّق بين منتخبات الفئات العمرية وبين المنتخب الأول الذي يستمد قواه الفنية من التدرّج المرحلي للأشبال والناشئين والشباب والأولمبي لضمِّ أبرز الموهوبين بعد نضوج عقلياتهم الكروية وبلوغهم السنّ المؤهلة للدفاع عن فانيلة الوطني بثقة كبيرة وطموحات واسعة.
إن تشكّي أغلب المدربين العرب المتواجدين في الدوحة اليوم من عدم توفر الوقت الكافي لتحضير منتخباتهم للبطولة يستوجب وقفة من الاتحادات نفسها لمكاشفة الجماهير عن الحقيقة كالذي أثاره برنامج جرايد في حلقة (رأي عام) عبر قناة الكاس القطرية أمس الأول الأثنين بخصوص انخفاض مستوى عدد من المنتخبات المعروفة بتميّزها على صعيد الفئات العمرية، ومدى تأثير نظام البطولة على ذلك ، فمشكلة عدم الإستقرار الفني برزت في ظروف قاهرة كانت الاتحادات مشغولة بالجولة الثامنة لمباريات الإياب للتصفيات المزدوجة (المونديال وأمم آسيا) التي جرت في 17 تشرين الثاني الماضي أي لم يتسنَّ الإعداد لجميع الفرق سوى شهر كانون الأول مع بضعة أيام من الشهر الحالي الأمر الذي أربك حسابات المدربين واللاعبين، فما أقسى شعور لاعب الكرة بأنه مطلوب أن يؤدي مهمة خارجية كاسقاط فرضّ !
أكثر ما آلمني حديث الكاتب والإعلامي الإماراتي محمد جاسم في الحلقة نفسها من البرنامج بقوله: "إن منتخب الإمارات ظُلم كثيراً من اتحاد الكرة والأندية في فترة تجميعه التي لم تتجاوز ثلاثة أسابيع مع خوض ثلاث مباريات ودية فقط وحاله لا يقارن مع الوضع السابق الذي قاد خلاله الكابتن مهدي علي المنتخب الأولمبي قبل ثلاثة أعوام بسبب استقرار الملاكين الاداري والفني وتهيئة جميع متطلبات نجاحه". تصوروا عندما يتعرّض منتخب عربي بحجم الامارات الذي نتفاخر بتطوّره وبزوغ أكثر من نجم فيه ويخطط له بمنظومة احترافية إدارياً وفنياً ومادياً، لهذا الظلم والإهمال يعني أن هناك ضغوطاً كبيرة أملتها روزنامة الاتحاد الآسيوي في فترة حرجة فضحت عدم صلاح نظامه الجديد في الدوحة بعدما سرق الاستعداد لحسم جولات المونديال الجهود كلها للمنتخب الأول تاركاً احلام الأولمبيين في عنق زجاجة القلق أزاء استحقاق الأولمبياد من أجل البقاء في الدوحة أبعد من الدور الأول وخطف تذكرة ريو إذا ما حالفهم الحظ.
أعتقد أن قرار الاتحاد الآسيوي للعبة بإعتماد النسخة الثانية من بطولة كأس آسيا مؤهلة الى أولمبياد ريو اصاب المنتخبات الطموحة بضرر كبير حيث حرمها من عدالة المنافسة التي كانت سترجّح كفتها وفق نظام الذهاب والإياب وهو ما نأمل أن يعيد الآسيوي العمل به في الدورات الأولمبية المقبلة خاصة أن تجربة التنافس المزدوج لا تصلح مع الأولمبي مثلما نجحت مع الكبار لسبب بسيط أن الدورة الأولمبية غير مدرجة في أجندة الاتحاد الدولي للعبة، وبالتالي واجهت منتخبات كثيرة ممانعة الأندية المحلية والمحترفة بإرسال لاعبيها سواء للبطولة نفسها أم أثناء خوض المباريات التحضيرية ولنا في تمسّك ناديي ضرغام اسماعيل وشيركو كريم بعدم الحاقهما بالأولمبي خير دليل.
نبقى متفائلين بحظوظ المنتخبين الأولمبي وشقيقه القطري بإعتبارهما من أكثر المنتخبات العربية استحقاقاً للتواجد في النهائيات الأولمبية آب المقبل ولديهما تطلعات مشروعة للتواصل باندفاع متوازن لإقصاء الغرماء، مع أمنياتنا بتأهل منتخب آخر متى ما تم تفادي المواجهات العربية – العربية المصيرية في الأدوار المقبلة، فالكرة العربية تسجّل نجاحاً مهماً على مستوى الشباب ومن الانصاف أن يحتفي الأولمبيون بانتصاراتهم ويكونوا على الموعد في البرازيل.
المونديال يسرق الأولمبي
[post-views]
نشر في: 19 يناير, 2016: 09:01 م