الشعور بالخوف يترك آثاراً على الوجوه ، من شدتهِ تتغيّر الوان الوجه ، فيصبح اصفر مثل النومية ، نتيجة ايعازات الدماغ المرتبك المرعوب ، احيانا ينتقل الخوف الى الساقين يشل حركتهما ، يصبح الركض مهمة عسيرة ، لا يسعفها استرجاع المثل الشعبي الشائع "الهزيمة ثلثين المراجل ". الخائف يتعرض الى سؤال يطرحه مَن يراه " وجهك مخطوف لونه" بمعرفة الاسباب قد ينتقل الخوف الى الآخرين ، بوجوه مخطوفة اللون لن تستيعد ملامحها الاصلية الا بعد حين ، عندما يشعر الشخص بالاطمئنان او حين يسمع بياناً عبر التلفاز ينفي صحة انباء ترددت حول قيام جماعات مسلحة بشن هجوم على احياء في اطراف العاصمة، قتلت الرجال والشباب واقتادت النساء والفتيات سبايا الى جهة مجهولة ، بعد دقائق من بث البيان يحمد صاحبُ الوجهِ مخطوفُ اللونِ الباري عز وجل ويشكره ، الاخبار مجرد شائعات تطلقها جهات مرتبطة بقوى خارجية تهدف الى إثارة الفتن لتكون مقدمة لإشعال فتيل حرب اهلية.
في الدول المتمتعة باستقرار أمني ينتاب سكانها الخوف من كوارث طبيعية زلازل فيضانات ، حرائق غابات ، تصفّر وجوههم حين تعلن المنظمات المعنية بالبيئة ارتفاع معدلات التلوث ،اما في دول المنطقة العربية فمصادر إثارة الخوف كثيرة تبدأ من خروج الشخص من منزله فيسمع اصوات اطلاق نار كثيف صادرة من كلاشنكوفات مشيعي شيخ العشيرة. في الطريق الى مكان العمل تتكرر المشاهد ، أتعسها حين يصادف مواجهة مسلحة أثناء تنفيذ عملية امنية لإطلاق سراح مختطفين.
في زمن الاندفاع الثوري بلا حدود في المنطقة العربية ، كثرت حوادث اختطاف الطائرات للضغط على دولة ما لتلبية مطالب الخاطفين ، وفي حال رفضها يتم تفجير الطائرة بركابها وطاقمها ، هذا النوع من العمليات انحسر مؤخراً لاستخدام وسائل حديثة في تفتيش امتعة المسافرين ، رافقها إلزام شركات الطيران بمنع ركابها من حمل مواد وردت في قائمة المحظورات اعتمدتها جميع شركات الخطوط الجوية في العالم . الثوريون العرب وصلوا الى قناعة بان اختطاف الطائرات يندرج ضمن العمليات الارهابية ، فتوجهوا الى اسلوب آخر لتحقيق أهدافهم .
العراق سجل رقما قياسيا عالميا بحوادث الاختطاف ، لأسباب كثيرة منها يندرج ضمن نشاط مقاومة قوات الاحتلال الاميركية لإجبارها على الخروج من البلاد ليعيش الشعب حراً أبياً شامخاً يزهو بالنصر والانتصار . عصابات الجريمة المنظمة تخطف الاطفال للحصول على فدية مالية ، وهناك نوع آخر من الاختطاف عجز عن تفسيره الراسخون في العلم ، منهم من يقول انه لأغراض سياسية وفريق آخر يصفه بأنه عمل طبيعي كجزء من متطلبات المرحلة لإحباط مشروع استعماري يسعى الى سرقة ثروات الشعب العراقي وبيعها بثمن بخس لتمويل الجماعات الارهابية ، تكرار حوادث الاختطاف ، جعلت وجوه العراقيين مخطوفة اللون حتى إشعار آخر لحين حصر السلاح بـ(البستوكة !)
مخطوفُ اللونِ
[post-views]
نشر في: 19 يناير, 2016: 09:01 م