إختلاط الحابل بالنابل — في بلاد ما بين النهرين — غدا قانوناً ساري المفعول ، يطبقه الجميع إذعاناً ، ويواجهه الجميع بالصمت المريب .خلط التصريح ونقيضه في ذات الخبر ، تأكيد الفعل ونفيه في نفس الجلسة ، عناق المسروق للسارق ، تماهي العلة بالمعلول ، قبلات القاتل لأهل المقتول ،، إلخ ، كلها وامثالها صارت طقسا عاما ، معترفا به صراحة او ضمنا . لم تعد مدعاة للحياء او الخجل ، او حتى للحرج ، بل غدت ذريعة شرعية ، لتقبل الفساد ، بل التعايش مع المفسدين ، طوعاً او كرهاً ، رضى او شجبا ، قناعة او تقية !……….لا أدري لم يستبد بالمرء هوس إستدعاء ملامح واقع مر ، كلما داهمه واقع أشد مرارة .ولا ادري سر تسمّري جاحظة العينين ، امام لوحة مزججة من كلمات ، معروضة في معرض من معارض المخطوطات …. حكمة ، اتهجأ حروفها تهجئة من يمارس القراءة أول مرة … حكمة هي ، يفض مكنونها الذهن قبل العين ، آقرأها بخشوع عابد : الخلق هو انت في الظلام .بم تبوح هذي العبارة الدالة المبطنة بالحكمة ؟يعني …. آن تؤتمن على كنز او ثروة ، وما من شاهد عليك ولا رقيب يراقبك ، فلا تمد يدك تسرق من الكنز ولو كمشة كف .يعني ،.. آن تؤتمن على سر ، يتعلق بحيوات وسمعة أبريآء ، فلا تفضح السر لقاء مغنم أو مغرم . يعني … ان ترفض مكافأة المداهنين المداحين بما ليس فيك من مزايا ومناقب ، بل تعزرهم وتسفع في وجوههم التراب .يعني … آن لا تتخذ من آكتاف المخلصين سلالم للصعود ، فإن بلغت المرتقى المآمول ، تنكرت لمن أوصلك .يعني .. ان تملك فلا تغتر ، وتتملك ، فلا تبطر ، وتقتدر فلا تتعسف ، وتتمكن ، فلا تمشي في الأرض مختالا فخورا .………. لذا ، فالبحث جارٍ عن مخلصين هم في السر ، مثل ذواتهم في العلن ، في العتمة او في بؤرة الشمس ، البحث جار عن منتمين ، لا لكتلة ولا لطائفة ، لا لمذهب ولا لدين ، كل إنتمائهم لوطن يحتضر ، يتوسل ببنيه أن … إنقذوني البحث جار عن مخلصين ، محصنين ضد الجشع بلا حدود ، والطمع بلا حدود وحب الذات والبحث عن الشهوات بلا حدودالبحث جار عن ساسة ، إن تحدثوا صدقوا ، وإن وعدوا ، بروا ، وإن أخطآوا ، إعتذروا لا يخدعون إذا ما أستشيروا ، ولا يدافعون عن باطل إذا ما حصحص الحق
لئن حصحص الحق
[post-views]
نشر في: 20 يناير, 2016: 09:01 م
جميع التعليقات 1
سلام هاشم حافظ
تحية طيبة للاستاذة سلام خياط . جميل ما تكتبين واخاذ حد ان يتماهى القاريء مع موضوعاتك .. كيف لا وهي تقطر انسانية ما بعدها انسانية في زمن عزت فيه الانسانية . لكني اشعر ان المقال الراهن مالوف لي بمعنى اني قرأته من قبل او قرأت شبيها له للكاتبة ذاتها . مع خا