جلال حسنقلما تواجه مراجعا لدوائر الدولة، إلا ويشتكي بكثير من الالم والازعاج والحسرة من الروتين القاتل في تمشية المعاملة، الا ما ندر، طلبات ثابتة، لايمكن الاستغناء عنها نهائيا، بل تعدّ العمود الفقري لتمشية أي معاملة، ومن دونها يتوقف كل شيء،
في الوقت الذي بدأ فية العديد من دول العالم الانتقال من الحكومة الورقية الى الحكومة الالكترونية، وتتخلص من اكداس الاضابير، والملفات الادارية، واطنان من الاوراق الصفر التي انكمشت بفعل الرطوبة، وعبث الفئران في سراديب الدوائر. الوثائق الاربع المطلوبة، هن عنوان بارز للمراجع و(رعوية) ثبوتية في تعريف شخص المراجع من امام كاتب العرائض حتى رأس الدائرة. هوية الاحوال المدنية،وشهادة الجنسية العراقية،والبطاقة التموينية، وبطاقة السكن، لعبة رباعية في اثبات الشخصية في مسابقة حمل اكثر وثائق في العالم. يبدأ تسلسلها الهرمي من بيان الولادة، ومصادقة القابلة الماذونة، واختام المستشفى والطبيب المختص ولا تنتهي الا بنفس الاختام بعد تسجيل شهادة الوفاة. الغريب ان جميع المعلومات في الوثائق الاربعة متشابهه تماما، ولا يمكن التفريق بالمعلومات، الا بحجم الوثيقة، وتنوع الاختام الدائرية، والمثلثة، والفسفورية، وألوان الاحبار. اما باقي المعلومات فإنها مضحكة وغير ذي اهمية، خصوصا في العلامات الفارقة، والاوصاف في لون العين، ولون الوجه والشعر، والطول، وفصيلة الدم وتبعية الاب والام الاصلية وحقل الجنسية السابقة، وهذا الاخير ليس له تفسير أي منطقي اذا كان حق المنح قد اعطى بناء على تحقق اكتساب المواطن والمثبت بصوره ملونة الجنسية العراقية وفق المادة 4/1 من قانون الجنسية وحق المنح الشرعي، وعلى اليسار من شهادة الجنسية كتبت اشارة بالخط العريض (الملاحظات تكتب بالحبر الاحمر). ترى كيف تمنح شهادة الجنسية اذا كانت هناك اشكالات في اعطاء هذه الوثيقة المتفق عليها وفق قانون البلد ؟ اما اذا فقدت احدى هذه الوثائق فإن استخراج بديل عنها يعني مشكلة المشاكل في المراجعات، والمرافعات، ومحاضر الشرطة، والاعلان في الصحف، واحضار الشهود، لان البقاء على قيد الحياة من دون هذه الوثائق يعني مجهولية المواطن. احد كتاب العرائض قال لي: ان الوثائق المطلوبة من المواطن العراقي طيلة عمره تبلغ 23 وثيقة انت تعرف اخرها هي شهادة الوفاة, ولكن اصعبها حسب التسلسل من حيث الفائدة هو قرار منحة قطعة ارض للسكن،وعقد الزواج، وورقة الطابو، وكوبون النفط والغاز، وبطاقة الادوية المزمنة، وهوية المتقاعدين، ومضبطة السكن والقائمة تطول. قد تكون الحلول سهلة جدا، ويمكن الاستعاضة عن تلك المستمسكات غير الضرورية والزائدة بمستمسك واحد، يمثل هوية موحدة ومصدقة من جهة رسمية معترف بها، وادخال البرمجة الحديثة التي تسهم بحل كثير من سلسلة المراجعات، وادخال نظام الشبكة الالكترونية الذي يربط دوائر الدولة فيما بينها. jalalhasaan@yahoo.com
كلام ابيض : الوثائق الأربع
نشر في: 16 يناير, 2010: 06:09 م