كم تمنّيتُ لو أن رئيس هيئة السياحة في وزارة الثقافة ونائب رئيس مجلس محافظة بغداد ورئيس لجنة السياحة والآثار في مجلس محافظة بغداد قد تحدّثوا في موضوعات أهم وأفيَد لأهل بغداد من الموضوع الذي تناولوه في أحاديثهم إلى وكالة "المدى برس" أول من أمس.
تمنيتُ لو أنهم قد تحدثوا، مثلاً، عن خطط مؤسساتهم لإعادة الحياة إلى السياحة الميتة في عاصمتنا، وبلادنا كلها، وتعويض خزينة الدولة عما فقدته من انهيار أسعار السلعة اللعينة، النفط، التي دمرت سياحتنا وزراعتنا وصناعتنا، وأفسدت حياتنا كلها ... تمنيتُ لو أنهم تحدّثوا مثلاً أيضاً عن ترميم دارين أو ثلاثة في الأقل من عشرات دور العرض السينمائي والمسرحي والموسيقي وصالات الفن التشكيلي التي كانت تزخر بها عاصمتنا قبل أن يحلّ بها بلاء صدام حسين وحروبه، الذي سرت عدواه الى نظامنا الحالي فأورثتنا بلاء المحاصصة وحروبها الطائفية.
المسؤولون الثلاثة اختاروا أن يشغلوا أنفسهم بموضوع آخر لا قيمة حقيقية ولا أهمية كبيرة له، فقالوا كلاماً أقل وأهون ما يمكن أن يقال في البعض منه أنه غير مفيد وغير منطقي. إنهم تحدثوا عن الـ "كوفي شوبس" (المقاهي) التي لا تفرق في الجوهر عن مقاهي أيام زمان سوى أن هذه ترتادها النساء وتعمل فيها النساء، فيما مقاهي أيام زمان كانت ذكورية بامتياز.
ما المشكلة مع المقاهي الجديدة؟
بالنسبة لإثنين من المسؤولين الثلاثة تكمن المشكلة في أن هذه المقاهي التي زاد عددها الآن على الألف، لم يستحصل الإجازة الرسمية من هيئة السياحة غير 20 منها فقط، وبالنسبة للمسؤول الثالث فان "الكثير منها أصبح غطاءً لتفشي الفساد وبيع المخدرات" كما قال، وهذا بالذات هو الكلام غير المفيد وغير المنطقي، فالكوفي شوبس تأتي في آخر قائمة الأماكن التي تمثل ميادين للفساد الأخلاقي وتعاطي المخدرات .. إذا كانت هناك عمليات بيع وشراء للمخدرات وممارسة للفساد الإخلاقي في الكوفي شوبس فانها محدودة للغاية ولا يمكن البتة مقارنتها بالميادين الرئيسة لتجارة المخدرات وممارسة الدعارة، أعني البيوت والأزقة الخلفية لبعض الأحياء في بغداد وسائر المدن، بل لا يمكن مقارنتها بما يجري في "منتديات" ليلية تغزو باطراد شوارع العاصمة وساحاتها، البعض منها ترتفع على أبوابه يافطات تنسب هذه المنتديات إلى الثقافة والإعلام والصحافة!
إذا كنتم، وغيركم، جادين في مكافحة المخدرات والرذيلة، اتركوا الكوفي شوبس لروّادها من الشباب الذين لا يجدون ما يزجون به أوقات فراغهم الطويلة، واهتمّوا بترميم دور السينما والمسرح والموسيقى وصالات العروض التشكيلية، وبفتح المكتبات العامة والنوادي الرياضية والمراكز السياحية والأثرية .. بهذا فقط تتقلص مساحة الميادين التي تجري فيها تجارة الجنس والمخدرات.
ما لكم والـ "كوفي شوبس"؟
[post-views]
نشر في: 20 يناير, 2016: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو أثير
منذ عام 2005 ولحد ألآن عام 2016 ما يقارب العشرة سنوات أي عقد من الزمان ... لا يزال رئيس هيئة السياحة متربعا على عرش الهيئة محسوبا على حزب الفضيلة ألأسلامي الذي لم ينجح أي شخص مرشح منه في أي وزارة أو محافظة أو هيئة على مدى 13 عاما من عمر الجمهورية والنظ