TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "بستوكة" دولة الطرشي

"بستوكة" دولة الطرشي

نشر في: 22 يناير, 2016: 09:01 م

 قبل عشرات السنين قدمت فرقة المسرح الفني الحديث ، المنسية حاليا ، صاحبة التاريخ العريق في تقديم عروض منحت للحركة المسرحية العراقية ملامح هويتها ، مسرحية  "البستوكة" المعدة عن  "الجرة"  للكاتب الايطالي لويجي برانديلو ، اخراج الفنان سامي عبد الحميد . شارك في تمثيلها خليل عبد القادر ، كريم عواد والراحلة زينب  فضلا عن اخرين . في زمن  الاستقرار السياسي النسبي ، قبل هبوب العواصف الرعدية ، سجل التلفزيون الرسمي المسرحية ثم عرضها اكثر من مرة  ، فتفاعل معها الجمهور  لفكرتها في كشف مخاطر الوقوع في مأزق الخروج منه  يعني السقوط بمنزلق خطير . وقتذاك لم يكن الرقيب صارما يستخدم مجسات رجل الأمن في التعاطي مع الأعمال الأدبية والفنية  فسمح للفرقة بتقديم "البستوكة" .
 من توفرت له فرصة مشاهدة البستوكة من جمهور المسرح ، خرج من القاعة ينتابه الشعور بأن عناصر الأمن السري تطارده ،كأنه يحمل منشورا حزبيا يدعو الى تنظيم تظاهرة احتجاجية ضد السلطة ، خطاب المسرحية فيه ما يشير الى فشل اصحاب القرار في معالجة  مشكلة صغيرة  بالحكمة  واستخدام العقل في النظر الى القضايا الجوهرية . العراق جزء من منطقة  سلمت مصيرها لأصحاب الجلالة والفخامة ، تراودهم  المخاوف من ذوي الخبرات والكفاءات  فعملوا على اشاعة التخلف بكل مظاهره ، حتى اصبحت  المنطقة العربية مصدرا لتصدير بهائم   انتحاريين يرتدون أحزمة ناسفة  يفجرونها  وسط المدنيين مع اطلاق التكبير .
"البستوكة" استشرفت الأوضاع العراقية الحالية بالتلميح الى الدخول في مرحلة مظلمة يكون فيها الوزير المخضرم في الحكومات المتعاقبة صاحب شركات حصلت على رأس مالها من الرزق الحلال من  المال العام ، رجال المرحلة  المظلمة جعلوا اعلانات شركات استيراد السجائر الاجنبية على شكل مظلات  تحمي عناصر السيطرات المنتشرة في بغداد من اشعة الشمس ، في ايام الصيف . ظلام المرحلة انتقل الى النفوس ، ارتفعت نسبة  الاصابة بالامراض النفسية ، عادت الاوبئة تطرق ابواب العراقيين لتصيب اطفالهم بالنكاف والجدري المائي ، نفايات المنطقة الخضراء المرمية في مكب يقع في اطراف العاصمة  تشعل في كل يوم نزاعات بين متعهدي الزبالة في  بلد يتمتع بثروات طبيعية  ، مواردها تعرف طريقها الى خزائن من سخِرت  منهم "البستوكة" .
 الاطراف المشاركة في الحكومة الحالية لم تتوفر لرموزها وزعمائها بكل عناوينهم الوطنية  مشاهدة البستوكة ، اغلبهم  ربما كان منشغلا  بالنضال ، او انه يستحرم مشاهدة عروض مسرحية تشارك فيها ممثلات يرفضن ارتداء الحجاب الشرعي ، امكانية اعادة انتاج وعرض "البستوكة" في الوقت الحاضر  لتقدم درسا بليغا لرؤساء الكتل النيابية وبطانتهم ، محفوفة بالمخاطر على الرغم من  غياب الرقيب ، المخاوف تتلخص بصولة يشنها فصيل مسلح ، يعتقد بان "البستوكة"  تسخر من الرموز الوطنية اصحاب الخدمة الجهادية ضد الديكتاتورية ، ومنهم الوزير المخضرم  الحاضر الدائم في الكابينة الوزارية بكل  الحكومات المتعاقبة في دولة "البستوكة" الديمقراطية ام الطرشي   .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram