TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شارع المتنبي.. إذ يضيق

شارع المتنبي.. إذ يضيق

نشر في: 22 يناير, 2016: 09:01 م

لم يعدْ شارع المتنبي يسع روّاده أيام الجمعة .. إنه يضيق بهم بإطراد أسبوعاً بعد آخر، حتى في أشهر الصيف الحارة وفي أيام الشتاء المطيرة. وبالطبع ليس في الإمكان توسعة الشارع، حالياً في الأقل مع الأزمة المالية الضاربة أطنابها في أغوار دولتنا ومجتمعنا، ولكن بإعمال الفكر يُمكن استنباط أفكار مفيدة.
الشارع غدا المركز الثقافي الأول في بغداد والعراق كله، وهذا ليس باعثاً على الشعور بالبهجة والحبور، ذلك أنه يعكس، من الجانب الآخر، الفشل الذريع لدولتنا في إنشاء المراكز الثقافية  التي هي الأقل كلفة من غيرها ويمكن للكثير منها لاحقاً أن يموّل نفسه بنفسه، كدور السينما والمسرح والموسيقى وصالات العروض التشكيلية، فهي لا تحتاج سوى إلى بضعة ملايين الدولارات التي كان في المستطاع اقتطاعها من الموازنات الانفجارية المتدفّقة عليها مئات مليارات الدولارت في السنوات العشر الماضية، أو عبر استرداد البعض من عشرات المليارات التي تسرّبت إلى خارج البلاد لحساب الفاسدين والمفسدين.
معالجة مشكلة الشارع ليست مرتبطة حكماً بتنفيذ مشروع تطوير الشارع الذي تراجعت عنه أمانة بغداد وسحبته من التداول ورفعته حتى من موقعها الإلكتروني .. المعالجة يمكن أن تتم باجراءات تنظيمية كانت الأمانة قد وعدت بانجازها في عهود أمنائها السابقين، ومنها توفير منصات عرض أو أكشاك لكتبيّي الرصيف.
من الاجراءات التي أرى لزوم اتخاذها، منع التجاوز على رصيفي الشارع وعلى أسفل الشارع نفسه، فثمة باعة أطعمة ومشروبات مكشوفة للهواء والغبار والحشرات، احتلوا أجزاء من  الشارع ومن رصيفيه، وصاروا يعيقون الحركة ويتسببون في المزيد من الزحام. ويتعيّن الآن الأمر بتحريم بيع أي سلعة غير الكتب والقرطاسية في المتنبي، وحصر عمل  باعة الأطعمة الخفيفة والمشروبات في شارع الرشيد وفي الشارع الممتد بمحاذاة مبنى القشلة، على أن يُلزموا بالعمل من داخل أكشاك صغيرة ذات كوى صغيرة للبيع، من أجل تأمين شروط السلامة الصحية في ما يبيعون.
إجراء آخر مهم  يلزمه الطقس الاسبوعي في شارع المتنبي، هو منع مرور وتوقف غير سيارات الشرطة في شارع الرشيد يوم الجمعة، والمهم هنا عدم استثناء سيارات المسؤولين الحكوميين من هذا الإجراء، فهؤلاء المسؤولون يُمكنهم استعمال أقدامهم والتمشي لبضع خطوات من ساحة الرصافي أو ساحة الميدان لبلوغ شارع المتنبي والجزء القريب منه من شارع الرشيد. هذه المنطقة هي منطقة نشاط ثقافي عام، وعلى المسؤولين الحكوميين الإذعان لشروط الوجود في هذه المنطقة، مثل غيرهم من روّادها، وإلا فالأجدى لهم ولشارع المتنبي وروّاده أن يلزموا بيوتهم أو يستعرضوا أنفسهم في مناطق أخرى، فالمتنبي شارع للثقافة وليس للاستعراض من أي نوع.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram