TOP

جريدة المدى > مقالات رئيس التحرير > الإقتصاد الوطني .. هل يتعافى مع هيمنة الفساد وغياب إدارة رشيدة ؟

الإقتصاد الوطني .. هل يتعافى مع هيمنة الفساد وغياب إدارة رشيدة ؟

نشر في: 23 يناير, 2016: 05:55 م

 يتسرب القلق من دهاليز الدولة المأسورة بالمحاصصة الطائفية الى المواطنين حول إحتمالات إنعكاس الأزمة الإقتصادية المتفاقمة على حياتهم المعيشية، الى درجة ان رواتب موظفي الدولة وعمالها قد يتعذر صرفها في وقت ما . وأصبح واضحاً أن مرد هذا القلق يعود الى

 يتسرب القلق من دهاليز الدولة المأسورة بالمحاصصة الطائفية الى المواطنين حول إحتمالات إنعكاس الأزمة الإقتصادية المتفاقمة على حياتهم المعيشية، الى درجة ان رواتب موظفي الدولة وعمالها قد يتعذر صرفها في وقت ما . وأصبح واضحاً أن مرد هذا القلق يعود الى نقص السيولة والموارد بسبب انخفاض أسعار النفط،  وإستمرار تآكل ما تبقى من الموارد الشحيحة، لغياب ستراتيجية إقتصادية علمية وإدارة رشيدة للإزمة .

وليس ذلك بمعزلٍ عن " تخطيطٍ مغفَّلٍ"  تغاضى عن جهلٍ، وربما إمعانٍ في تأمين فرصٍ أكبر للنهب والإفساد،عن الحفاظ على موارد إحتياطية وإقتطاع نسبة من الدخل الوطني لتأمين صندوقٍ للأجيال القادمة .! وقد تواصل العبث بما تبقى في خزينة الدولة، ويبدو انه سيمتد الى احتياطيات البنك المركزي " المحرّم قانوناً المس بها"،  نتيجة إستمرار آفة  الفساد المالي والإداري، دون تَصَدٍّ أو تضييقٍ أو تراجع لنفوذ آبائه الشرعيين، ناهيكم عن ظهور مؤشرات لملاحقتهم أو الحد من تأثيراتهم على حركة المال العام والاقتصاد الوطني .
ومن بين عوامل إنعدام ستراتيجية علميةٍ فاعلةٍ لإدارة الإقتصاد الوطني، النظرة القاصرة  التي ترى أن النهج الإقتصادي يرتبط بوزارات بعينها، كالنفط والتجارة والصناعة ..!،  ولا علاقة له بالبرنامج الحكومي وتوجهات الدولة في كل الميادين والأصعدة. ويكفي أن الطغمة الحاكمة لم تولِ أي أهتمامٍ حتى في إختيار كفاءاتٍ وعقولٍ ماكِنَةٍ لهذه الوزارات، إذ بقيت أسيرة المحاصصة الطائفية المنعدمة الصلاحية للكفاءات الموصوفة. وليس من باب التشهير إيراد بعض الأمثلة على معايير الأختيار لهذه الوزارات، كما لغيرها، فقد يكون بعضهم قد خَبُر تجارة المفرد في الموبايلات أو تسويق الخضراوات أو إدارة أفران الخبز والمطاعم  وتبديل دهن السيارات. وكل هذه المهن محترمة والعمل فيها يبعث على الإحترام، لكنها لا تكوّن دراية في قيادة الدولة، أو تُمكّن  صاحبها من المعرفة بعلم الإقتصاد السياسي ومدارسه، أو ترتقي به الى مستوى  التخطيط الإقتصادي.
إن الإستخفاف بمعايير الكفاءة - ولنركن جانباً معيار النزاهة ونظافة اليد والوطنية - في الإختيار للمواقع العليا في السلطة، دون إستثناءٍ للوزارات ورؤساء السلطات الثلاث والهيئات المستقلة، بلغ حداً من التردي بحيث أوصل إمام مسجد ومدير سجن وصاحب مصنع للأعلاف أو رئيس عشيرة الى كرسي وزير الثقافة .! وجرى التمادي باعتماد هذا النهج في كل الوزارات تقريباً، ولستُ في وارد سوق الأمثلة لأن ذلك سيضعني وجهاً لوجه أمام قادة الكتل والزعامات النافذة في البلاد. وبامكان كلٍ منا إجراء بحثٍ في مواقع التواصل الاجتماعي لإكتشاف مدى علاقة أي وزيرٍ بوزارته، سواءً من حيث الشهادة والإختصاص أو الخبرة والخلفية المهنية. ولن نفاجأ بحَملة شهادات عليا وإطروحات حول الوضوء والشريعة وأسباب النجاسة وعلاقتها بمصافحة المرأة والنظر الى مفاتنها المكشوفة. وقد يكون محظوظاً من لا تكون شهادته صادرة من " سوق مريدي" أو أحد بلدان الجوار.
كيف يمكن لاقتصاد البلاد ان يزدهر ويتجنب الازمات ومفاصل الحكومة فيها تُدار بوزراء لم يتأهل بعضهم بالمعارف التي تستلزمها وزارات؟ وأي تخطيطٍ إقتصادي يستقيم، إذا ما تجاوزنا معايير الإختصاص والخبرة، دون أن يغطي في نسيجٍ مترابطٍ مُحكمٍ كل الوزارات ومهامها بمواردها وإلتزاماتها، ومختلف جوانب ومهام الدولة والمجتمع والحاجات المتنامية والناتج الوطني وتوجهات تنمية الموارد واحتمالات قصورها وعوامل تفعيلها والرقابة على التجارة البينية ودورها في ايجاد توازن ايجابي يحول دون مثل هذا القصور؟
وقد يدور السؤال الأكثر إثارة للقلق حول جدية الإصلاح، المراد له أن يكون بوابة التغيير والأنقاذ، في وضع حدٍ للفساد الذي شكل المنفذ الأساس لتهريب الاموال العامة والسطو عليها بمختلف الاساليب، وتبديد المواردعبر مجالات انفاقٍ تدور حولها الشبهات لشخصيات قيادية بارزة في الدولة والكتل السياسية النافذة. وهذا التساؤل يثير مواجع متزايدة حين تنشر وسائل الاعلام العالمية أرقاماً مخيفة حول حجم الأموال المهرّبة والمستثمَرة في مختلف عواصم الدنيا والبالغ أكثر من مئتي مليار دولار .! ، وهي كما تُذكر حصيلة فسادٍ ونهب منظم لم يتوقف حتى اليوم، وإسترجاع بعضها يكفي لتغطية عجز الميزانية لبضع سنوات، ووضع حدٍ للقلق المرشح للتورم مع ما يترشح من تدابير لن تكون سوى مسمار آخر في نعش الإقتصاد المريض.
أن من حق المواطنين أن يراودهم القلق الممض، ما داموا يرون كل يومٍ رموز الفساد تتحرك بكل حرية في نفس المجالات. ومع هذا المشهد، يُثار تساؤل حول اسباب العجز عن إعتبار التصدي لإزاحة هذا الغم  هو جوهر الإصلاح المتعثر والموكول لما وراء النوايا الطيبة والإرادة الكامنة التي تنتظر الفرج ..!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابن العراق

    يقولون برميل النفط راح ينزل الى دون ال٢٠ دولار هالأيام.. في زمن صدام كان سعر برميل النفط 11 دولار... وكان كمية تصدير النفط باليوم الواحد 600 الف برميل... وكان العراق يعطي 20% تعويضات للكويت بموجب النفط مقابل الغذاء... يعني يصفى 7 دولارات البرميل الوا

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram