أولى وسائل الإيضاح التعليمية للإطفال، الشفاهية في البيت والمرسومة في الرياض والمدارس، تعتمد على الأشكال ثم الحروف لتنتهي الى تشكيل الحروف صوتياً لتعبر عن المعاني . ومن بين تطبيقات تعليم الأطفال، وكذلك اليافعين وقد يمتد الى مراحل متقدمة من التعليم، ال
أولى وسائل الإيضاح التعليمية للإطفال، الشفاهية في البيت والمرسومة في الرياض والمدارس، تعتمد على الأشكال ثم الحروف لتنتهي الى تشكيل الحروف صوتياً لتعبر عن المعاني . ومن بين تطبيقات تعليم الأطفال، وكذلك اليافعين وقد يمتد الى مراحل متقدمة من التعليم، المقارنة ومنهج القياس والإستدلال.
لِكَي يدخل في وعي الطفل الفرق بين ما هو عملٌ شرّير وعملٌ صالحٌ أو نافع، تساق له نماذج من الأفراد الصالحين في المجتمع أو الأشرار والمجرمين، وقد يُستشهد بسير الأنبياء والقديسين والأبطال الشعبيين. كما تُورد، في معرض التوكيد والإسناد، أفعال بعينها من هذه السير والمقارنات بين طائفتي الشر والخير!
وفي هذا الظرف الموبوء، والمجتمع العراقي بل شعوب العالم العربي والأقليم تخوض معركة المواجهة مع الإرهاب وظلامية داعش التكفيري، وهي معركة وجودٍ وإستنهاض قبل كل شئ آخر، قد يصح اعتماد " أنموذج داعش" على كل صعيدٍ، سواء في تطبيق طقوس وشعائر الدين، أو في تفاصيل الحلال والحرام وما يرتبط بهما من فتاوى، وهي تدخل في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. وفي هذه التفاصيل المعاصرة وقائع فلمية مشاعة على الشبكة العنكبوتية وفي مواقع التواصل الإجتماعي، من نحرٍ وتقطيعٍ وحرقٍ وسبيٍ واغتصابٍ وتدميرٍ وتفجيرٍ وخطايا تعاف النفس إيراد شواهدها..
وإذ تشتد معارك المواجهة ضد داعش عسكرياً، تتنبّه القوى السليمة، غير الظلامية، في المجتمع الى أن المعارك العسكرية في جبهات المواجهة ومقاتلة داعش، ما هي إلا وجه من وجوه المعركة، لا يمكن لها أن تحسم وتجتث جذور الارهاب، وتجفف مصادر مده باسباب الإستمرارية والإنبعاث، إن لم تقترن بمواجهة فكرية وسياسية ونفسية، تؤدي في النهاية الى تجريد دعاته من كل الأدوات وإظهارهم على حقيقتهم، متطفلين على الإسلام وقيمه وطقوسه وشعائره، متلفعين بجبّة الجاهلية الأولى، أعداء للمجتمع والأنسانية.
لكن ما نصطدم به بين آونة وأخرى، في بغداد ومدنٍ مستباحة في محافظات البلاد، مظاهر أخرى، لا تصب في الجهد لتجريد داعش من أدوات جهالته وتعدياته وحقده على المجتمع ومكوناته وحقوقه، فهي ليست سوى إعادة إنتاجٍ مسخٍ لقيم وأفكار وممارسات وتحريفات داعش نفسه والمدارس التكفيرية التي تشكل مصادر له.
وهذه المظاهر لا تنبعث وتجد لها حواضن بمعزلٍ عن مراكز القوى في الدولة والوزارات المتنفذة، مدعومة من قياداتٍ بارزة في الكتلة المتنفذة دون غيرها من الكتل، إذا ما أخذنا بالإعتبار أن داعش إستطاع أن يأسر المكون السنّي، ويقصي القيادات التي كانت موضع شبهاتٍ بالتواطؤ لتصبح هدفاً له، وتصطف في جبهة القتال ضده ، دون أن يسلم بعضها من شبهة التلاقي الفكري والسياسي كلما إحتدم الصراع الطائفي.
ولا يمكن نسيان "الحملة الجاهلية" التي أنتشرت كالوباء إبان انفلات المواجهة الطائفية من عقالها بعد انتهاك حُرمة مقام الإمامين العسكريين، فذكّرتنا بالحملة الإيمانية لصدام حسين، وقبل ذلك حملة خاله خير الله طلفاح في مطلع سبعينيات القرن الماضي، لكن ما ميّز "حملة الجاهلية" في بغداد في ظل حكم الطوائف "المتكافرة"، أنها لم تترك وسيلة استباحة، من تكسير أو نهب أو قتلٍ أو سوى ذلك من وسائل الترويع والترهيب والتصفية، ضد الصابئة والإيزديين والمسيحيين، بحجة بيع خمور أو ادارة ملاهٍ بلا ترخيص، وقتل حلاقين لسبب لم يرد ذكره في كتب الأولين ولا في تعاليم الأئمة المعتمدين في المذاهب الإسلامية.
وقد حوّلت جماعات " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" يومذاك بغداد الى أنموذجٍ متقدمٍ للمدينة الخاضعة للحكم الظلامي في أفغانستان "قندهار"، بما أشاعته من صنوف القتل والنهب والترويع، وأثارته من تداعياتٍ للمقارنة بين جلاوزة القاعدة يومذاك وأدوات السبي والتكفير والتحريم القندهاري.
قبل أيام عادت بعض تلك المظاهر والممارسات الى بغداد، على شكل شعاراتٍ تكفيرية إستفزازية، قد تكون عرضاً للعضلات أو جسّاً لنبض المجتمع ومدى إستعداده للتعبيرعن الرفض والإستنكار.
وليس ثمة شك في أن القائمين على الحملة يسعون للخلط بين الدعم الوطني للحشد الشعبي ومآثره ضد داعش في جبهات القتال، والإنحياز الى الشعارات والممارسات والقيم المعزولة عن المجتمع والمنافية للدين الاسلامي السمح الحنيف.
ما يُلفت الأنتباه ويستدعي التوقف والمعالجة من قبل الحكومة والسيد العبادي بصفته رئيس مجلسها والقائد العام للقوات المسلحة، ان شبهة التواطؤ تحوم حول عناصر في وزارة الداخلية حيث تقترن الملصقات القندهارية بالجدران الملاصقة لسيطرات الوزارة.
قد تكون هذه الشبهة، في غير محلها، ومن هنا ضرورة إتخاذ إجراءٍ غير قابل للتأجيل..
لكنني أدعو، قبل رفع الشعارات المنفّرة للذوق العام السوي والمستفزّة للمؤمنين الصادقين، مسؤولي الوزارة وكذلك قادة التحالف الوطني، لإجراء مقارنة بينها وبين الشعارات التي يعممها داعش في مناطق ولايته !
أتحتاج بغداد، بعد كل ما هي عليه من دمارٍ وتشوهاتٍ ونقصٍ في وسائل العيش الأدنى وإنعدامٍ للرؤية المستقبلية وضعف العمل وانعدام الرجاء، الى أن تتحول الى قندهار طاليبان ..؟