عبدالله السكوتي يحكى ان ابن شرف استنهض ابن رشيق على دخول الأندلس فتردد ابن رشيق وانشد :مما يزهدني في أرض أندلسٍ/ أسماءُ مقتدرٍ فيها ومُعتضدِألقاب مملكةٍ في غير موعدها/ كالهر يحكي انتفاخاً صورة الأسدِفأجابه ابن شرف على الفور :
ان ترعك الغربة في معشرٍ/ قد جُبِلَ الطبع على بغضهمفدارهم ما دمتَ في دارهم/ وأرضهم ما دمتَ في أرضهمهذا المنطق مرفوض لكنه في بعض الأحيان يصبح قاعدة للعمل تضطرك اليها الظروف أو الحاجة ، ولذا قالوا قديماً (ايد الما تسالمها بوسها) ولكن الممض في الأمر ان الفرد يعيش عدواً لذاته يجلدها في كل حين عندما يرى الأراذل من الناس يتسيدون وما عليه الا ان يقول"نعم".ولابن الرومي تضمين جميل في هذا المعنى حيث تناول بيتا مشهوراً للمتنبي:أراعي صديقي بالمودة والوفاولكنني من حسن تجربة الورىاداري عدوّي بالصداقة قائلاً: ومن نكد الدنيا على الحر أن يرىعدوّاً له ما من صداقته بدالأمر مرهون بالوطن ولذا نحاول قدر الامكان ان ناخذ القوم على سلامة نواياهم وانهم حديثو عهد بالسلطة وفي سياسة الناس وادارة البلد لكن الأمور عبرت الى ان اصبح المتسوّلون يملأون الشوارع والحارات وفوق الذي رأيناه وما تحمّلناه من اعمال قتل ونهبٍ وسلب تنذر الساعة بعودة عقاربها الى الوراء وأصبح احدهم يسقّط الآخر ويصفّره كيانات وشخصيات متهمون بالاجتثاث والتزوير وغيرها والمفوّضية تستبعد وتستبعد وتستبعد حتى وصل عدد الشخصيات التي استبعدتها – حتى الآن – 500 شخصية و 15 كياناً سياسيّاً ووصلت الاتهامات الى ذروتها والأمر ينذر بخطرٍ فادح ان فشلت التجربة القادمة عندها سنكون قاب قوسين او ادنى من الديكتاتورية خصوصا وان الولايات المتحدة برمت بالعراق وتريد منه فكاكاً.ليس في صالح أحد المجاملة فهي التي اوصلت العراق الى ما هو عليه ناهيك عن السكوت عن الحق ومداهنة السياسيين والنواب وعدم تسليط الضوء على اخطائهم ، كل هذا اوصل الامر الى ما هو عليه وربّما يكون المثل العامي صحيحاً (امشي ورا اللي يبجّيك ولا تمشي ورا اللي يضحكك) ، بعض الاحيان يكون النقد لاذعاً لكنه مفيد ، أيعقل ان تبنى الديمقراطية على تيارات طائفية ضيقة ؟ وهل من الممكن ان نقود البلد الى برّ الأمان بهذه الكتل التي نعجر عن عدّها ؟ وهل ان الشعب العراقي جميعه من السياسيين حتى ينبثق منه الكثير من القادة ، لا يمكن لهذا الامر ان يستقيم الا بعد الترشيق والاتفاق على صيغة وطنية جديدة تختلط فيها الأعراق والمذاهب والأديان أي اننا نرشّح مجموعة من العرب والكرد والمسيحيين والايزيديين والصابئيين وغيرهم لتشكيل ائتلاف وطني واحد يصبح فيه الكردي رئيسا للجمهورية او رئيسا للوزراء والمسيحي رئيسا للجمهورية او رئيسا للوزراء والصابئي كذلك والمسلم كي نتخلص من الطريق المسدود الذي وصلنا اليه والتسقيط الذي لا يؤدي الى خير بقدر ما يقودنا الى الفوضى والدمار.
هواء في شبك: "فدارِهِمْ ما دُمتَ في دارِهم"
نشر في: 16 يناير, 2010: 07:47 م