TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > مطبعة الولاية هل هي البداية؟

مطبعة الولاية هل هي البداية؟

نشر في: 17 يناير, 2010: 05:25 م

فاخر الداغريالاستنساخ باليد والكتاتيب والملا والفلقة والامية والجوع والحرمان وتفشي الامراض الوبائية من هيضة وطاعون وجدري هي التي كانت سائدة في العراق (العثماني) قبل عام 1869. وبتولي مدحت باشا ولاية بغداد ظهرت بوادر التطوير والتغيير وكانت مطبعة الولاية على رأس منجزاته العديدة برغم قصر فترة ولايته وعليه:
فمرحلة مدحت باشا اختلفت عن كل الولاة الذين سبقوه او الذين جاءوا من بعده.. وكان جلبه مطبعة الولاية حدثاً علمياً ثقافياً كبيراً جداً نجم عنه كأنجاز اول اصدار صحيفة الزوراء التي صار تاريخ اصدارها عيداً للصحافة العراقية فيما بعد، وقد فتح مكتب الصنائع الذي يحمل مواصفات المدرسة الى جانب مطبعة الولاية من حيث المكان يشير الى ان مدحت باشا يمتلك ذهنية تخطيطية بمضامين حضارية متقدمة نوظف عامل الزمن والتخصص لصالح ساعات العمل في عملية تنسيقية محكمة الاعداد، حيث ان مكتب الصنائع اسهم في اعداد الطلاب مهنياً من خلال تعلمهم في فرع الطباعة من الطباعة نظرياً وتطبيقه ميدانياً في مطبعة الولاية وعلى بعد بضعة أمتار في صيغة عمل متكاملة من خلال التجاوز القريب وكانت الدراسة في مكتب الصنائع لبضع سنوات قليلة تعد ملاكاً لأدارة المطبعة. rnوفي التفاتة انسانية من لدن الوالي المصلح مدحت باشا اشترط في مواصفات الطلاب الذين يقبلون في هذه المدرسة ان يكونوا أيتاماً بهدف رعايتهم وتعويضهم عن دور الاب الذي فقدوه بتهيئة فرصة عمل لهم الامر الذي قوبل بالاستحسان والاطراء على انسانية هذا الوالي. وكان اسماعيل افندي الكركوكي من الخريجين الاوائل وقد تميز بنشاطه وإتقان تخصصه وقد ساعده هذا التفوق المهني بأن يندرج من مرتب حروف الى محرر..الى مدير تولى ادارة المطبعة والصحيفة لمدة سنة ونصف. وقد كان عدد طلاب مدرسة الصنائع لايتجاوز العشرة طلاب بسبب خضوعهم الى انتقائية معينة في القبول (أيتام) وبهدف مواكبة التطور والاستفادة من الفرص المتاحة للتغيير اتخذ العمل الطباعي ثلاثة اختصاصات على الصعيد الرسمي مقترناً بالسنين من حيث الفرز الزمني الذي يؤشر مستوى كل حالة على انفراد، الاختصاص الاول: من سنة 1869 -1908 كان الطلاب خلال هذه المرحلة يتدربون داخل مطبعة الولاية بصفة عمال مساعدين على مختلف خطوط الانتاج وحسب حاجة المطبعة لليد العاملة. الاختصاص الثاني  من سنة 1908 -1917 ظل الطلاب يتدربون حسب الاسلوب القديم ولكن العمل التدريبي في مدرسة الصنائع نفسها وليس داخل المطبعة حيث اخذت المدرسة على عاتقها هذه المهمة ولكن باشراف المطبعة. الاختصاص التحق من سنة 1917 – 1937 وكان التدريب يجري للطلاب داخل المدرسة بعد ان الحقت المطبعة بها واصبح فرع الطباعة قائماً بذاته مستقلاً عن اية ادارة اخرى وقد سمي فرع الطباعة باسم فرع الطباعة بمطبعة الصناعة". لقد ظلت سمة التخلف عن مواكبة التطور الطباعي هي الصفة الغالبة وقد عزي هذا في حينه الى سببين رئيسيين هما: اولاً: وقوع مكتب الصنائع  او مدرسة الصنائع أسيرة لعقلية الادارات المتخلفة. ثانياً: العجز المستمر عن مواكبة التطور التكنيكي في مجال الفنون المطبعية لعدم وجود تبادل خبرات او بعثات او الاتيان بمنح طباعي حديث أي ان الانفلاق والانكماش على مافي الداخل هو الصفة الملازمة لطبيعة العمل. وقد نجم عن هذا الواقع المنكمش على نفسه حدوث ظاهرة تسرب الايدي العاملة الجيدة الى القطاع الخاص نتيجة الاجر المغري والتطور المعلوماتي من حيث مستوى الالة وكان علي أفندي اول طالب من طلاب هذه المدرسة الذي سئم الوقوف وراء عربة التدرج البيروقراطي الوظيفي فترك الخدمة وأسس مطبعة دار السلام بتمويل من ابراهيم باشا الامر الذي شجع اصحاب رؤوس الاموال الوطنية بتوظيف رؤوس اموالهم في مهنة نشر الثقافة وكان عام 1908 عام الانعطاف التأريخي في توسيع عملية تدريب الايدي العاملة المتخصص بالفنون الطباعية الحديثة، وكان اعلان الدستور الضماني انتعاشاً للافكار الوطنية التقدمية في العراق حيث تأسست في تلك الحقبة العديد من المطابع الاهلية التي صدر عنها اكثر من سبعين صحيفة ومجلة حتى سنة 1911. لقد فتحت المطابع الاهلية ابوابها أمام عشرات المتدربين على ترتيب الحروف اليدوية الذين أعدوا بوقت اسرع وبكلفة أقل الامر الذي أدى الى بلوغ التنافس أشده ولعبت الشطارة دورها الفاعل في اتقان هذه المهنة الشاقة في طبيعة تعلمها ودخل عدد الرومباث في تحديد كفاءة (الخلفة) دوره في التحافيز بين طباع وآخر وكان اعلى الرواتب هو راتب الاسطة وكان محل اجتذاب أصحاب المطابع الأهلية له. وكان قياس جودة العمل يعتمد على مؤشر اتقان مؤشر اسماء الحروف والاشارات باللغة التركية وعلى من يستطيع ان يدندن مع نفسه في ترديد اسماء الحروف في اثناء العمل على طريقة المرحوم خضر افندي آخر رئيس مرتبين في مطبعة الولاية مثل (طوبلمة) التي تعني بالعربية الحروف المبعثرة و"يابوشي" وتعني بوس 6 بونط و"يولسيك" وتعني الحرف العالي علماً بأن الترتيب التدريجي للحروف يتكون من "الجسم" "القدمان" "الاخدود" "الكتف" "العنق" "الفور" ،"الرويس"، "الوجه&quo

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram