اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > تسبب بحالات عوق وموت ..! ..المضــمــد الصـحــي .. طبـيـب مـع وقــف التـنفيــذ !

تسبب بحالات عوق وموت ..! ..المضــمــد الصـحــي .. طبـيـب مـع وقــف التـنفيــذ !

نشر في: 28 يناير, 2016: 12:01 ص

لم يتمكن من ممارسة لعبة كرة القدم مثل أقرانه او التمتع بدرس الرياضة المدرسية والمشاركة في السباقات رغم حبه وشغفه بالرياضة. بعد ان أكمل الدراسة المتوسطة والإعدادية لم تكن خياراته الجامعية كأقرانه اذ اقتصرت على بعض الاختصاصات التي لاتحتاج الى جهد عضلي

لم يتمكن من ممارسة لعبة كرة القدم مثل أقرانه او التمتع بدرس الرياضة المدرسية والمشاركة في السباقات رغم حبه وشغفه بالرياضة. بعد ان أكمل الدراسة المتوسطة والإعدادية لم تكن خياراته الجامعية كأقرانه اذ اقتصرت على بعض الاختصاصات التي لاتحتاج الى جهد عضلي او كمال جسماني، هكذا ظل "عصام" يدفع ثمن خطأ اقترفه مضمد صحي بمعاونة والديه حين ارتضيا ان يزرقه إبرة وهو في عمر التسعة اشهر. وبسبب الحركة ، لم تاتِ الإبرة في المكان المخصص لتصيب العصب ، الامر الذي ادى الى قصر في قدمه اليمنى لتدخل مفردة "معاق" في هوية الاحوال المدنية - حقل العاهات الظاهرة.

صدرية بيضاء وسماعة
في عيادته الصغيرة يتجمع المراجعون من أبناء محلته وبمختلف الأعمار بانتظار دورهم في الفحص . ومن بين ذلك الامراض المزمنة كالضغط والسكر.  بعده يقوم بصرف الدواء بنفسه من مخزنه الصغير الذي يفتقر لأبسط الشروط الصحية حيث يعتبره صيدلية مصغرة ،على حد قوله. "ابو سجاد" ، هذه كنيته في العقد الرابع من العمر اكمل اعدادية التمريض وخبرته الطبية متواضعة لاتزيد عن زرق الحقن او قياس درجة الحرارة وتضميد بعض الجروح الصغيرة. ابو سجاد يرتدي صدريتة البيضاء ويضع سماعة الكشف على اذنيه وكأنه طبيب اختصاص يتقن عمله بكل حرفية . حتى ان البعض من ابناء محلته اخذ يستعين به في في كل شيء ورقم هاتفه ربما لايخلو من هاتف اي فرد من ابناء المحلة بل والمحلات المجاورة .
كاظم زوير "مدرس" يقول: بالطبع المضمد لايلغي دور الطبيب او الصيدلي وحتى المعاون الطبي. لافتا: كما لايمكن ان يكون منافسا لهم لأن لكل منهم عمله بحكم دراسته وخبرته وكفاءته. مستدركا: لكن في بعض الأحيان تستدعي الظروف الذهاب الى المضمد كزرق الإبر او فحص ضغط الدم او التداوي من الحروق والجروح وبعض الخدوش البسيطة التي لا تستوجب الذهاب الى المسشتفى او الطبيب الاختصاص لعدة اسباب من بينها الجانب المالي.

خبرة المضمد والأطباء الشباب
أما "أبو باقر" ، والذي فسر التجاءه الى المضمد الطبي في المنطقة بأن سببه سوء وضعف الخدمات في المؤسسات الصحية الحكومية سواء المستشفيات او المراكز الصحية الصباحية والمسائية. مبيناً: ذات يوم اضطررت للذهاب الى المركز الصحي القريب حيث كانت لدي اعراض انفلوانز . لم يكلف الطبيب نفسه بالفحص بل كتب الدواء واشار بيده الى الصيدلية. سلمت الوصفة للصيدلي الذي عاد لي بشريط  (البراستول) فقط والباقي قال اشتريه من الخارج ولك تصور الامر بعد ذلك. موضحا: ان شريط البراستول بلغ ثمنه مع اجرة السيارة وباص الكشفية 1500 دينار بينما وجدته بـ 250 دينارا عند المضمد.  
فيما ترى "ام زينب" ان "المضمد هو المنقذ الوحيد في حالات الطوارئ والحوداث التي تحصل في وقت متأخر من الليل ، الامر الذي يتعذر معه الذهاب الى المشفى". مشيرة الى حادثة حصلت للعائلة حين تعرض احد ابنائها الى حادث عرضي ، وبعد الذهاب به الى المستشفى لم تجد سوى اطباء شباب بعضهم يلهو بهاتفه النقال واخر يمزح مع زميله وثالث يتسامر مع طبيبة. مضيفة: رغم تأكيدنا عليهم ان المريض يتاذئ لكنهم لم يبذلوا جهداً كافياً لتدارك الامر. خاتمة حديثها: بالتالي عدنا الى المضمد في ساعة متاخرة وقام بالواجب على خير مقام.

فرق تفتيشية ودورات تطويرية
وزارة الصحة لديها لجان تفتيشية تمارس دورها الرقابي لمحاسبة اصحاب تلك العيادات وتمنحهم اجازة ممارسة المهنة من قبل دوائر الصحة في بغداد و المحافظات، ويتم تجديد تلك الاجازة بعد عملية كشف على العيادة عند انتهاء صلاحيتها .وهذه اللجان مهمتها التفتيش على العيادات غير المجازة وغير الرسمية كونها تؤثر على الصحة.
المضمد الصحي "ابو احمد" كما يعرف بين ابناء منطقته ، بين انه يعمل كمساعد طبيب في احد المستشفيات الحكومية ولديه خبرة تتجاوز ( 18) سنة اضافة الى دراسته في المعهد الطبي ودخوله عدة دورات تطويرية أهلته لأن يمارس مهنة المضمد الصحي ، وهو مجاز من وزارة الصحة كما بين . يقوم ابو احمد بزرق الإبر ومداواة الحروق والجروح البسيطة والمتوسطة واجراء العمليات الصغرى والختان الكهربائي واليدوي وقياس ضغط الدم والسكر حيث يلجأ اليه اغلب ابناء المنطقة خاصة الفقراء منهم الذين يجدون صعوبة في توفير كشفية الطبيب وكلفة الدواء والتحاليل وغير ذلك. المضمد ابو احمد اوضح انه في حال عدم مقدرته على معالجة الحالة الصحية التي تلجأ اليه يوصي بمراجعة الطبيب. وعن الأدوية المنتشرة على رفوف عيادته ،حسبما مكتبوب على واجهة المحل، يقول انه يصرف بعض الادوية البسيطة التي تدخل في علاج بعض الامراض او اعراض البرد والرشح خاصة مع تقلب درجات الحرارة في الشتاء العراقي المعروف عنه التقلب بين ساعة واخرى.

خصخصة القطاع الصحي
الكادر الطبي الوسطي (كما يسمى) في الحقيقة لا يقل أهمية عن الكادر الطبي ( المختص ) حسب قول اختصاص الصيدلة السريرية د. سعد طه الذي استدرك: لكن عليه معرفة حدود مهنته، فمثلا عليه ان لا يقدم نصائح للمرضى الا في حدود ضيقة وان لا يقوم بتشخيص الامراض ووصف الادوية للمرضى. مبينا: ان مهمته الأساسية تتلخص في تطبيق إرشادات الطبيب المعالج ومساعدة الطبيب على شفاء المريض لأنه عادة ما يكون اقرب الى المريض من الطبيب.
طه أبدى أسفه على عدم اهتمام الحكومة بالمستشفيات الحكومية وإهمالها المتعمد لها ، حسب وصفه. كما اشار الى جشع بعض الأطباء ، الامر الذي يدفع فقراء الناس الى اللجوء الى الكادر الطبي الوسطي طلبا للعلاج. منوهاً: هنا يبدأ البعض منهم باستغلال هذه الظاهرة للتربح، الامر الذي يؤدي الى سوء استخدام الدواء او إعطاء دواء غير مناسب للمريض. لافتاً الى ان هذا التصرف الخاطئ لا يؤذي المريض ومن حوله فقط بل له تأثير سلبي على المجتمع بشكل عام، فاستخدام المضادات الحيوية في غير محلها يسبب نشوء جراثيم مضادة للمضادات الحيوية.
اختصاص الصيدلة السريرية د. سعد تابع حديثه : هذا من جانب ، ومن الجانب الآخر سوف يصعب على الجهات الصحية المختصة تحديد انتشار الأوبئة واجراء الاحصائيات الدورية لانتشار الامراض الحادة والمزمنة لمعرفة أسبابها ومناطق انتشارها. مؤكدا: كما يجب ان يكون عليه عمل جهاز الصحة العامة المرتبط بمنظمة الصحة الدولية. وخلص طه الى القول: على الحكومة الاهتمام بالمستشفيات الحكومية، و ليس التوجه الى خصخصة القطاع الصحي او تسليمه بيد شركات اجنبية، و الاهتمام بمسألة التوعية الصحية العامة.

غرفة عمليات ومضمد ماهر
اما المضمد مهدي حسن كاظم "ابو كرار" والذي امضى قرابة (25) عاما في المهنة حيث تنقل بين المستشفيات العسكرية والمدنية حتى استقر بمركز صحي قريب من سكنه فقد قام بفتح غرفة صغيرة من منزله وتحويلها الى عيادة صغيرة لمعالجة بعض الحالات البسيطة او اجراء العمليات الصغرى حسب قوله من تجبير الكسور والرضوض وبعض تمارين العلاج الطبعي اضافة بعض الاستشارات الطبية المحدودة كقياس ضغط الدم والسكر وزرق الابر و الاصابات المفاجئة كالجروح والحروق والكدمات التي تستوجب الاسعافات الاولية.

صيدلية ومختبر دون موافقات
دائرة صحة بغداد/ الكرخ اعلنت عن تنفيذها زيارات تفتيشية لمؤسسات صحية غير الحكومية وفي مناطق متفرقة من العاصمة بغداد. وقال مدير قسم التفتيش والشكاوى في الدائرة الصيدلاني تمام أمين محمد حسب بيان صحفي: إن فريق عمل تفتيشي من شعبة المؤسسات الصحية/ قسم التفتيش والشكاوى في الدائرة قام بزيارات تفتيشية لمناطق متفرقة من بغداد وفي جانب الكرخ والتي تضمنت منطقة شهداء البياع حيث شملت الزيارات تفتيش صيدلية ومختبر أهلي ومحل ضماد عائدة لشخص واحد غير حاصل على الموافقات الأصولية بالفتح (يدعي انه مضمد وليس لديه مايثبت ذلك) مع وجود كميات كبيرة من الأدوية والمستلزمات الطبية في داخل الصيدلية غير معلومة المصدر.
واوضح البيان ان زيارة التفتيش شملت ايضاً عيادة طبيب في منطقة الشرطة الرابعة في بغداد وتم اكتشاف عدم توفر صورة وصفة طبية وكذلك وجود مخزن للأدوية غير مجاز رسمياً داخل العيادة حيث يقوم الطبيب بتجهيز المرضى المراجعين مباشرة بالأدوية بعد الكشف الطبي، إضافة إلى تفتيش صيدليتين حيث وجد شخص ليست له علاقة بالمهنة وليس صيدليا (صاحب إجازة) إذ أن من الشروط الصحية تواجد صاحب الاختصاص بالصيدلية، كما شملت الزيارة تفتيش محل للمستلزمات الطبية في منطقة الحارثية حيث وجدت فيه مواد منتهية الصلاحية وتمت مصادرتها من قبل الفريق التفتيشي. وتابع البيان: ان الفريق التفتيشي قام بزيارة تنفيذية لمنطقة المنصور في بغداد حيث قام بغلق محل عوينات غير مجاز رسمياً من قبل شعبة القطاع الصحي الخاص ومنح الإجازات بالدائرة غلقا نهائيا ولايفتح الا بعد مراجعة الدائرة وحصوله على الموافقات الأصولية بالفتح.

من يقرر الجرعة والاستخدام ؟
حسب التدرج والدراسة ، فإن المعاون الطبي حاصل على شهادة الدبلوم الفني في الحقل الطبي والصحي من أحد المعاهد الطبية أوالطبية التقنية أو خريج سابق لأحد معاهد المهن الصحية العالية، أما الممرض فانه اما ان يكون ممرضا جامعيا حاصلا على شهادة البكالوريوس في التمريض أو ممرضا حاصلا على شهادة الاعدادية ويكون خريج اعدادية التمريض أو حاصلاً على شهادة المتوسطة واشترك في دورات التمريض وحصل على شهادة ممارسة التمريض. الصيدلاني سلام احمد بين انه لا يجوز أن يحل المعاون الطبي أو الممرض والممرضة محل الطبيب أو الصيدلاني في صرف او اعطاء الدواء. مبينا: كما لايجوز صرف الدواء الا عن طريق تحرير وصفة دواء من قبل الطبيب المعالج وصرفه من قبل الصيدلاني المختص بهذا الشان.
واوضح احمد: خارج نطاق هذه الآلية ، الأمر غير صحيح لسببين أولهما أن الطبيب المعالج هو المسؤول عن فحص وتشخيص حالة المريض ووصف الدواء اللازم لشفائه، وثانيهما أن الصيدلاني هو المسؤول عن صرف العلاج الدوائي وإفهام المريض كيفية استخدامه والجرعة المسموح بها والوقت ومتى يتم تناوله.  مستدركا: يمكن في حالات بسيطة صرف بعض الادوية مثل ادوية الصداع والانفلونزا على ان تصرف بحذر من قبل الصيدلاني.

المؤثرات العقلية والمنومات
واسترسل الصيدلاني: بسبب الظرف الامني لجأ المواطنون الى المعاون الطبي أو الممرض والممرضة ضمن مناطقهم السكنية طلباً لإسعافهم وعلاجهم. وللتاريخ نقول : لقد قدم كثيرمنهم جهوداً جبارة في خدمة الناس وكانوا أوفياء لشرف مهنتهم وبقدر ما يستطيعون ضمن الحدود التي يعملون بها، اما بثمن أو بدون ثمن في كثير من الأحيان. مستدركا: لكن هذا لايمنعنا ان نشير الى سلبيات البعض من العاملين في المجمعات الطبية أو الصيدليات غير المجازة بصرفهم ادوية مثل المؤثرات العقلية كالمهدئات والمنومات وبعض الادوية المضادة للسعال أو ادوية التنحيف أو السمنة مثل الديكسون والمشهيات او الادوية المركبة دون خبرة علمية مسبقة او معرفة بالتراكيب. داعيا الى ضرورة تفعيل الدور الرقابي والجزائي على جميع المجالات الطبية والصحية لضمان الأداء الصحي وكذلك الدور النقابي عن طريق التبادل النفعي بين النقابات والأعضاء.

المرضى حقل تجارب
لم يخل عمل الكثير من المضمدين من الاداءات السلبية الخطرة التي أدت بعضها الى مضاعفات غير محمودة او تسببت بوفاة الاشخاص اذ يشكل هؤلاء انموذجا سيئاً غير حريص على شرف المهنة واخلاقها. من بين تلك الحالات التي حدثت نتيجة خطأ المضمد وفاة شاب بعمر (16عاما)  اصيب بالانفلونزا فذهب به ابوه إلى المضمد القريب من دارهم فزرقه إبرة كما تعرف (خلط) صنعها بنفسه وما ان دخل الدواء جسد الشاب حتى اخذ بالارتجاف والاصفرار وقبل ان يصلوا به الى المستشفى توفي بسبب جهل الممرض وتبين ان الشاب مصاب بمرض السكري مع اضطراب بضغط الدم لتأتي الابرة على ما تبقى من عمره.  
من بين الحالات المستعجلة التي جيء به الى المضمد ابو سجاد طفلة في الشهر السادس من عمرها تشكو ارتفاع درجات الحرارة وسيلان الانف ، وبعد ان شرح له والدها انه اخذ اكثر من دواء لكن حالة الطفلة لم تتحسن فما كان من المضمد الا ان يطرح عليه ان يزرقها ابرة كي تشفى ، وانصاع الوالد لطرح المضمد وسلم طفلته الى ابرة لايعرف عنها شيئا . اثناء ذلك تمنيت ان لايكون مصير هذه الطفلة كمصير صديقي عصام.

الآباء وأجساد أولادهم
عن مصدر الدواء وكيف يتم الحصول عليه ، ذكر المعاون الطبي ابو احمد انهم يحصلون عليه من المذاخر الطبية المجازة، وحين وجهت السؤال الى اكثر من صاحب مذخر في شارع المشجر والبتاوين عن كيف يسمح لهم ببيع الدواء لجهات غير مرخصة ذكروا انهم لايتعاملون الا مع الصيدليات، كما اشاروا الى وجود مذاخر طبية في المناطق السكنية تقوم بتزويد المضمدين بالدواء، اضافة الى ان البعض منهم يحصل عليه من المستشفيات الحكومية او المراكز الصحية والمستوصفات سواء عن طريق امين المخزن او الصيدلي المسؤول عن ذلك. بالتالي لم يعد الامر صعبا على احد للحصول على الدواء ما دام السوق مفتوحا لكل انواع المستورد، والعمل الصحي دون رقابة محكمة ودون تفعيل قوانين رادعة بحق من يتاجر بحياة الناس. في الختام نقول : لو وجد الناس الرعاية الصحية الملائمة في المستشفيات الحكومية والعناية والانسانية عند الاطباء في عيادتهم والتكافل مع المرضى لما ذهبوا وسلموا أرواحهم وأجساد أولادهم بيد المضمد او المعاون الطبي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram