محمد جواد الغباننشر الاخ الصحفي شاكر علي التكريتي مقالة عام 1988 بعنوان (وفاء دين قديم الى الشيخ اليعقوبي...) تحدث فيها عن شخصية المغفور له الشيخ محمد علي اليعقوبي عميد جمعية الرابطة الادبية، وعن شاعريته من خلال الجزء الاول من ديوانه الصادر في الخمسينيات فقال فيما قال:
" ان اليعقوبي شيخ جليل قل نظراؤه بين الشيوخ الاجلاء وشاعر ظريف قل امثاله بين الشعراء الظرفاء.. وماذا عساني ان اقول في اوصافه بعد ان وصفه الخالد الذكر الشيخ محمد رضا الشبيبي: بان شاعرية اليعقوبي قائمة بذاتها ولا تحتاج الى دليل، فانه يستوحي احداث العالم العربي التي انعكست على شعره.. فراح يحث على جهاد المجاهدين ، ويندد بسياسة الطغاة البغاة، وانه يستوحي شؤون الامة العربية الحاضرة وشجونها ويهيب بها الى احياء مجدها وعزتها وحضارتها. *ويسترسل الاستاذ التكريتي بعد ذلك فيتحدث في مقالته عن اشعار اليعقوبي الجريئة في حرية الفكر ومساوئ الظلم، ثم يقول: طاما اليعقوبي الشاعر الساخر فالحديث عنه يحتاج الى مجال غير هذا المجال، ثم يذكر نمو ذجاً من ذلك البيتين اللذين نظمهما اليعقوبي عندما قام بتأليف الوزارة ارشد العمري عام 1946 وقد اشتهر البيتان في حينه على كل لسان. قالوا: الوزارة شكلت / برئاسة العمري ارشد فاستقبل الشعب الوزارة / بالصلاة على محمد وتعليقا على هذين البيتين اللذين استشهد بهما الاستاذ التكريتي قي مقالته احب ان اسجل بانه لا صلة شخصية مطلقا للشيخ اليعقوبي بارشد العمري، ولكنه نظم البيتين جريا على اسلوبه في نقد كل وزارة تتألف في ذلك العهد. *وبسبب صلتي الوثيقة ومرافقتي الطويلة لخالي الشيخ اليعقوبي رحمه الله الذي تربيت في رحاب علمه ومعارفه، ونهلت من ينابيع أدبه وشعره، فأنني على معرفة دقيقة بمواهبه المتعددة ومزاياه الكثيرة، ومع ذلك فلست الان بصدد الكتابة عنه مؤرخا ثبتا ، او خطيبا مفوها، او عالما موسوعيا وانما (أخصص مقالتي للحديث عن شاعريته المتميزة بالرقة والعذوبة ، وصفة (السهل الممتنع) لا احسبها تنطبق على شعر شاعر في العصر الحديث انطباقا على شعر اليعقوبي وحسبنا النماذج التي سنأتي على ذكرها شاهدا على ذلك، علما بأننا لا نستطيع في مقالة واحدة ان نتحدث عن جوانب شعره المتعددة ، وانما نقصر الحديث في هذه المقالة على النقد الساخر في شعره، وعن الظرف المتميز فيه، فقد (جبل الشيخ اليعقوبي –على حد تعبير العلامة الشيخ محمد رضا الشبيبي في تقديمه لديوانه المطبوع عام 1957 – على شيء غير قليل من لطف الطبع وخفة الروح وحرارة النكتة والفكاهة ، وانك لتجد في شعره شواهد يتناقلها الرواة، على ان بعض ابياته في المداعبة والمباسطة تعد نقدا سياسيا لاذعا ولكنه يتحاشى المهاترات لانه في عفة اللسان مثله في عفة اليد، فقد قنع من عيشه بما تدره عليه محاضراته ومجالسه الشعبية وتلك الخطب التي طالما اهتز لها السامعون..؟. *والشعر كما يراه الشيخ اليعقوبي تلخصه مقطوعات في ديوانه نختار منها هذه المقطوعة التي نظمها عام 1344 هـ 1926 ونشرها في مجلة الفضيلة: rnما الشعر ما رقم اليراعُ / منمقا فيه الصحائف فالشعر ما ترتاح عند نشيده / كل العواطف تصغي له الاسماع من / طرب وتهتز المعاطف الشعر ما تكسوه رقة / لفظه أسنى المطارف وحوت معانيه الحقائق/والطرائف والظرائف rn*وحين قامت معارك الانتخابات في العشرينيات من القرن الماضي تحت ظلال الانتداب نظم مقطوعة مشهورة تناقلتها الافواه في كل مكان بعنوان:" انتخاباتنا ، وقد نشرت في جريدة (الرعد) في بغداد نذكر منها قوله: للانتخابات قامت / معارك ومعامع لكل حزب هتاف/ تستك منه المسامع فللشباب طموح /و(للشيوخ) مطامع سوف الضمائر فيها / مابين شار وبائع ذرائع القوم شتى / والمال بعض الذرائع وليس يربح الا/ من رشحته المراجع rn*وعند اجتماع مجلس النواب نظم رائعته المشهورة تحت عنوان (انصاب) وقد دارت على كل لسان نذكر منها قوله: rnارأيت في بغداد مجلسنا الذي/ اخذت مقاعدها به النوابنصبت على تلك الكراسي التي/ فيها هياكل كلها انصاب نجحوا واسباب النجاح كثيرة / في الانتخاب وبئست الاسبابرضيت نفوسهم بنيل مرامها /وجميع ابناء البلاد غضاب ما ضرهم وقصورهم فيما ازدهت/ معمورة. ان البلاد خرابُ سيطول موقفهم اذا ماحوسبوا /حيث الجرائم ما لهن حسابُ ومن الامور المستحيلة..انه / ينجو القطيع وحارسوه ذئابُ لادر در مجالس اعضاؤها /سيان ان حضروا بها أو غابوا rn*وسئل عن رايه في المجلس فارتجل البيتين التاليين: ارى البرلمان ونوابه /سكوت به سكتة الاخرستماثيل ينحتها الانتداب/ وتعرض في قاعة المجلس والبياتان والمقطوعتان اللتان قبلهما مثبتات في الجزء الاول من ديوانه المطبوع. وعلى اثر ذلك حاولت السلطات الحاكمة إغراءه بتسلم بعض المناصب المهمة لتحاشي نقده اللاذع لهم فارتجل مقطوعة عنوانها (القناعة) وهي مثبتة في ديوانه المطبوع نذكر منها قوله: أرتاح بالكرسي مزدهياً به / وتهتز من شوق إلي المنابر واضرع مأموراً لناه وآمر/ ولي مقول في الشعب ناهٍ وأمررضيت لنفسي في الحياة بمقنع / من العيش يأباه خطيب وشاعر ولم ادخر غ
الشيخ محمد علي اليعقوبي..نقد سياسي ساخر لاذع تداولته المجالس الأدبية
نشر في: 17 يناير, 2010: 05:27 م