TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مسارب الوجدان

مسارب الوجدان

نشر في: 27 يناير, 2016: 09:01 م

بعد الاحتفاء  الثر من  لدن  رفاق الدرب وزملاء المسيرة ، بمنجزات  الراحل ( فايق بطي ) . ماذا بوسع المرء ان  يضيف جديدا في عزاء الفقيد ، غير ان يعاود  قراءة  ما يتسنى من آثاره  القيّمة  المطبوعة . — قاربت العشرين سِفراً — والتي نضد حروفها بأمانة . بأناة ودراية وحِرفية  عالية ، كما ينظم صائغ  محترف فصوص لؤلؤ وشذر ومرجان  في قلادة فريدة التصميم .
………..
فجر ذلك اليوم ، ولد ، في عائلة صحفية معروفة ، وفي بيت كبير يقع في مدخل شارع الزهاوي  بالأعظمية .. شهدت بغداد في السنوات  الست الأولى من طفولته ، ثلاثة  أحداث مهمة لم يفقه شيئا منها ، ولا يذكر  إنه تلقى جوابا لتساؤلاته  العفوية عنها : موت الملك غازي بحادث سيارة غامض ، انقلاب بكر صدقي ، والحرب العالمية الثانية .
لماذا أهمل الوالد تلقينه بعض المعلومات ليرد  على تساؤلات  أترابه في روضة  الأمير  فيصل بالوزيرية  حول صاحب الصورة التي حملها معه ذات صباح وهو في طريقه للروضة . حين قال لأترابه  : إن أباه نشر  الصورة في الجريدة  لأنه يحب  صاحبها ومعجب به … لو كان أبوه قد حذره  بأن حمل تلك الصورة ( جريمة ) حتى لو حملها طفل بريء ، لوفر عليه صفعة قاسية تلقاها من الست ( فهيمة ) المديرة ، وهي تلعن ( هتلر ) صاحب الصورة . ووالد الطفل معا … كانت تلك اول جريمة سياسية  يرتكبها وهو على آعتاب  الطفولة .
تدخل الوالد ، إثر هذي الحادثة لإنقاذه ، فأدخله مدرسة النجاح النموذجية ، الكائنة في منطقة السنك .
………
مئة يوم من صيف ذلك العام قضاها في مطبعة جريدة البلاد . يذهب بصحبة الوالد كل صباح ، ويعود في الظهيرة محملا بالمجلات والصحف المصرية ، حيث يباشر بتصفحها ورقة ورقة ، متأملا في كل تخطيط وصورة ، ولم يدر بخلده إن هذا التعلق بالصحف والمجلات سوف يزين له التعامل مع الحرف والصورة بدقة واقتدار .
……..في  الحفل التأبيني للوالد ، قرأوا نعي ورثاء الابن لأبيه : لقد علمتني كل شيء ، وفاتك ان تعلمني كيف  أرثيك ، أأرثيك كأبي ؟ أم ارثيك كأستاذي ؟؟ ام أرثي الصحافة والأدب ؟؟ وانا بين هذا وذاك  أرثي ابنك الذي فقدك وهو في منتصف الطريق .
………..
الرحمة لعاشق الصحافة  . وقد ذاق علقمها حين تاق لحسوة عسل ،،  وغص بعسلها حين  داهمه طنين ذكور النحل ، وأدمت وجدانه نباتات  الشوك والصبير.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram