TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عن النشيد الوطني

عن النشيد الوطني

نشر في: 27 يناير, 2016: 09:01 م

انشغلت في الأيام الماضية، ولا أدري ما السبب، في قراءة الأناشيد الوطنية لدول العالم ومنها العربية طبعا، مع التمعن في أعلامها. خرجت بنتيجة سريعة وهي ان أغلبها يمجد الدم والحرب وبعضها لا يخلو من روح كاريكاتيرية: دولة بحجم رأس دبّوس يضخمها نشيدها الوطني لحد أنه يعيدك الى قصة البقرة والضفدعة التي شغلنا بها كتاب القراءة في الثاني الابتدائي. وبعضها فيها من الكذب الصارخ يجعلك وكأنك ترى مجديّا وخنجره بحزامه.
تخيلت شكل الشعراء الذين كتبوها فوجدتهم بين عاضّ على لسانه وآخر على شفته وآخر يتطاير الشر من بين عينيه وكأنه يقول سأكتب نشيداً يرعب الأطفال ويهجج الطيور ويملأ القلوب خوفاً مستطيراً. ألم يتولّ علي الشلاه عندنا رئاسة حملة كتابة نشيد وطني عراقي جديد؟ ماذا تتوقعون بربكم؟ اترك لكم الجواب.
لم يستوقفني نشيد وطني صادق مثل الياباني. حتى العلم الياباني صادق وبسيط جدا. لونان: احمر وابيض. الأحمر يرمز للدم الذي سال اثناء الحرب العالمية الثانية. أما الأبيض فهو لون الاستسلام الذي اعلنته اليابان بعد قنبلتي هيروشيما وناجازاكي. تصوروا انهم يعتزون باستسلامهم الذي لولاه لما وصلوا الى هذا الرُقي والتطور. أُمة لا ترى الاستسلام عاراً بل وتراه صاحب فضل عليها، قطعاً انها أمة عاقلة تستحق المجد والاحترام. وهنا على العاقل ان يفرزن بين فائدة التواضع وجحيم الغطرسة. ومن هنا أيضا تطورت اليابان لأنها اتخذت من التواضع سلماً للرقي. صدق من قال: ان التواضع صنع اليابان.
لم يدمر العراق، كما دمر أمماً قبلنا، غير داء الغطرسة والشعور بالتفوق الكاذب على الآخرين. داء استمكن في عقل الحكام وتسلل الى كثير من عقول ناسنا بكافة طبقاتهم. مرض علينا اقتلاعه من جذور أنفسنا إن أردنا لهذا البلد ان ينهض من حفرة الظلام التي أوقعه فيها الأغبياء والمتغطرسون.
مروا على علم اليابان وعلى علمنا واقرأوا بأنفسكم الفرق بين الصدق والكذب، وبين التكبر الفارغ والتواضع الصادق. قفوا عند نشيدهم الوطني القصير جدا الذي يطلب النماء لحجر صغير عسى ان يصبح صخرة يحتضنها العشب:
ندعو لمجـدك أن يدوم ألف جيل ..  ثمانية آلاف جيل
الى ان يصبح الحصى صخرا .. مغطى بالنجيل
وهنا يكمن الفرق بين صورة الديك الذي "يعوعي" وقدماه في حقل أخضر، وذلك الذي "يعوعي" ورجلاه بالذي تعرفون.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. رمزي الحيدر

    الذي نعرفه غطى الشعب العراقي بأجمعه ، بفضل حزب البعث الذي حكم سابقاً و الاسلام السياسي الذي يحكم اليوم . هل تتذكر ماذا قال المرحوم ناصر حكيم بسيانه أذب الروح و أسحك عليه .

  2. د عادل على

    انا العراق انا العراق-----------ليس للبعث مكان فوق ارضى---------انا بالحق الى المجد سامضى------انا العراق انا العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

قناطر: الزبير والمُستزْبِرون

التحدي الوجودي للمشرق العربي

العمود الثامن: من يحاسب ضباط الداخلية ؟

قناديل: خسر كوبولا ملايينه. هل ربح نفسه؟

هل تعد واشنطن لاتصالات سرية مع إيران؟

العمود الثامن: في ذكرى غاندي

 علي حسين بالتأكيد أنت مثلي تابعت ما يجري في بلاد الرافدين، وكيف يتفاخر نوابنا "الاشاوس" بتأسيس بلدان على مقاساتهم ، بل وذهب الخيال باحدهم بان اخبرنا ان العراق مالتنا، مثلما ظهر علينا يزن...
علي حسين

باليت المدى: منظمة تحقيق الأمنيات

 ستار كاووش تختلف أمنيات الناس بإختلاف ثقافاتهم وأماكن وجودهم والطريقة التي يعيشون بها، فمنهم من يتمنى الثراء، وآخر يبتغي الرفاهية والعيش بسلام، وهناك من يَتوق الى الحرية الشخصية التي يفتقدها، وغيرهم يتمنى السفر...
ستار كاووش

من يونيتاد الى المحكمة الجنائية الدولية..العدالة الدولية تحت المطرقة

حسن الجنابي (الجزءالاول) عيّن الأمين العام أنطونيو غوتيريش القاضي كريم خان مستشاراً خاصاً، ورئيساً للفريق المعني بالتحقيق في جرائم داعش في العراق والمعروف بالاسم المختصر يونيتاد (UNITAD) وهوالقاضي كريم هو مواطن بريطاني من أصول...
حسن الجنابي

الاحتجاجات الشعبية الأخيرة في أميركا: أزمة هوية سياسية وإعادة تشكيل العلاقة بين الدولة والمواطن

محمد علي الحيدري في الخامس من أبريل 2025، تحولت شوارع أميركا إلى ساحات لاحتجاجات واسعة، انطلقت من نيويورك إلى لوس أنجلوس، حيث هتف المتظاهرون ضد السياسات الاقتصادية والإدارية التي يتبناها الرئيس دونالد ترامب. ومع...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram