نحن في مرحلة انحطاط سياسي غير مسبوقة .. بالطبع، البعض سيغتاظ من هذا الكلام، وهؤلاء هم، بخاصة، القابضون على صولجان السلطة والمنتفعون منهم، لكنني سأدافع عن هذا الرأي بكل قوة، لأن الحقائق بيّنة والوقائع ناطقة.
من المظاهر الصارخة للانحطاط السياسي في عهدنا الراهن، أن الأحزاب الأكثر نفوذاً في الدولة (حكومةً وبرلماناً وسلطة قضائية)، هي أكثر من أعطى نفسه الحق في استباحة المال العام على نحو لم يجرؤ عليه حتى صدام الذي لم نجد غضاضة في الاستعانة بالشياطين لإسقاطه لأنه كان حاكماً سيئاً، لنكتشف على الفور أن حكامنا الحاليين لا يقلّون عنه سوءاً، وهذا تعبير مخفّف ومهذّب للغاية في الواقع.
من دون استثناء، الأحزاب صاحبة أكبر عدد من مقاعد مجلس النواب والحكومة وصاحبة التمثيل الأكبر في السلطة القضائية والهيئات "المستقلة"، صارت الآن تمتلك عدداً لا يُحصى من العقارات العائدة للدولة، مقرات لها ولفروعها وللمنظمات الحقيقية والوهمية التابعة لها ومساكن لقياداتها وأتباعهم، في بغداد وسائر المحافظات، وتبلغ مساحة الواحد من بعض هذه العقارات عدة آلاف من الأمتار المربعة وسعره في السوق يتجاوز عشرات ملايين الدولارات. والكثير من هذه العقارات أُخِذ بطريقة الاستحواذ القسري من ممتلكات الدوائر الحكومية والحزبية في عهد النظام السابق، بل حتى من الممتلكات الخاصة بالمواطنين العاديين أيضاً، وبخاصة من أبناء الأقليات الدينية الذين انتهجت هذه الأحزاب وميليشياتها وعصاباتها المسلحة مختلف السبل لإرغامهم على الفرار من منازلهم، بل من البلاد كلها، فيما جرت عميات تزوير واسعة النطاق للوثائق الخاصة بملكية هذه العقارات والممتلكات. إن شوارع وأحياء بالكامل مستحوذ عليها، كما هو حاصل، على سبيل المثال، في مناطق المسبح والجادرية وكرادة مريم والمنصور في بغداد.
ليس السؤال: كيف تُبيح هذه الأحزاب لنفسها استباحة هذه الممتلكات العامة والخاصة بكل هذه الصلافة، فهي نفسها التي سرقت مئات مليارات الدولارات وهرّبتها إلى خارج البلاد باسماء قياداتها من وزراء ونواب وسواهم ، فضلاً عن بطاناتهم وأتباعهم .. السؤال هو : كيف تسكت الحكومة التي تعيش أياماً عصيبة وتواجه وضعاً مالياً حرجاً، على هذه الحال، ولا تُلزم هذه الأحزاب وتوابعها بدفع إيجارات عن العقارات والممتلكات المُستحوذ عليها أو بشرائها، بأسعار السوق ؟
الحكومة تبحث الآن في دفاترها العتيقة، لتلاحق حتى صغار الموظفين والعمال والكسبة من أجل دفع الضرائب والرسوم، ولا تثريب عليها في هذا، لكن المفارقة الكبرى انها تتغاضى عن واقع أن ما في أيدي أحزابها من عقارات وممتلكات ما يُمكن أن يسدّ العجز الخطير في موازنة العام الحالي وعدة أعوام تالية.
ربما يُمكن للحكومة أن تتحجج بأنه ليس من اليسير ملاحقة الأموال العامة المنهوبة والمهرّبة إلى ما وراء الحدود.. فما ذريعتها بشأن عشرات آلاف العقارات والممتلكات التي وضعت الأحزاب والميليشيات أيديها عليها خارج القانون والشرع والأخلاق؟
من يستردّ هذه الثروة المنهوبة؟
[post-views]
نشر في: 27 يناير, 2016: 09:01 م
جميع التعليقات 5
د عادل على
الظاهر ان الانسان العراقى لم يتغير-هدا يعنى ان الدى كان بعثيا فى زمن صدام يساوى الان الانسان العراقى المنتمى لحزب الدعوة-فادا كان الانسان العراقى انتهازيا فى زمن صدام فنفس الانسان العراقى بقى الانتهازى بفرق انه انتهز الفرصه وصار مؤمننا ومصليا و صائما
خليلو...
أليس فيهم من يكلف نفسه مهمة استحضار تاريخ العراق ويستعيدوا سيرة رجالاته ليقارنوا انفسهم بهم ،في أحد الأيام كان الدكتور ساندرسون في زيارة الى بلاده ووجدها فرصة لمتابعة دراسة الامير غازي هناك ، وكان المغفور له غازي هاويا للسيارات ، فطلب منه ان يشتري له سيار
ابو سجاد
اولا ياسيدي الفاضل المفروض ان تسمي السراق الفاسدين باسمائهم وانا اتحداك ان تفعل ذلك لانه لايجراْ احدا ان يفعل هذا وذلك لانعدام الجرئة وخوفا على ماتبقى من العمر وهذه بالحقيقة هي هزيمة سيندم عليها كل من لايجهر بقول الحقيقة ولو تجرئنا لما بقي من هؤلاء السف
Ibrahim
بدل البيع للعقارات والتي دائما ترتفع قيمتها ، والعملات تقل قيمتها بكل دول العالم ، اقترح تأجيرها وبطريقة المزاد العلني وبحضور كل وسائل الاعلام والصحفيين وتنشر بيانات العقار ومواصفاته ، ولا يقبل عن طريق اللجان ( وبالباطن ) او تأجيرها لشركات استثماريه والد
ابو أثير
الظاهر أن الجماعة من ألأحزاب ألأسلامية الحاكمة أذا كانت شيعية أو سنية تطبق تعاليم الدين ألأسلامي ... في الخمس والزكاة ...!!! لقد أساؤا للأسلام ولكافة ألأديان السماوية ... ولعنة الله عليهم .