TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حاسبينك

حاسبينك

نشر في: 30 يناير, 2016: 09:01 م

استوقفني قبل أيام بيت من الشعر الشعبي يصف به الشاعر حبيبته بأنها مثل أغنية "حاسبينك" من يغنوها السكارى. لاح لي وكأنه يرى في وجه حبيبته العراق. بس يا عراق هذا الذي يغنيه السكارى؟ هل هو المنهوب المسلوب الذي يعتعته اللصوص والأغبياء الذي يكرهون أغانيه كما يكرهون أهله؟ أم انه ذلك العراق الذي لا يعرفه الا الراسخون في الحب والصدق؟
ذات ليلة من ليالي لندن الدافئة، والدفء في لندن شحيح، خرجنا بعد انتهاء أمسية شعرية لأحد أصدقائنا لنكمل سهرتنا، كالعادة، في ركن لوحدنا. كنا مجموعة من الشعراء والكتاب والرسامين وقد تبعنا بعض من الغاوين الذين نحبهم. شيء كما الحنين، او ربما هو شعور بفقدان الوطن، غمرنا بحاجة نفسية لبغداد. يحدث ذلك في اغلب الأوقات التي نتجاوز بها خطوط الصحو الحمر: اللي مضيع وطن وين الوطن يلكاه؟
لا سبيل للعثور على الوطن الا بحيلة دفاعية واحدة يا كاظم الكاطع، الذي قلتها ثم رحلت ولا ندري ان كنت قد عثرت عليه ام لا: أن نغني. وأي اغنية تلك التي تعوض وطن ضاع؟ هل هي "جذاب"؟ "البنفسج"؟ "يا نجمة"؟ "جاوبني تدري الوكت"؟ "البارحة"؟ "حبيبي امك ما تقبل من أحاجيك"؟ لو "عشكك عشك ليلة ويوم"؟
كلها فيها رائحة الوطن، لكن "حاسبينك" تحضر معها نسمة حب عراقية غريبة. وربما هذا هو الذي يجعلها اغنية العراق كله. ليش ما يسووها نشيد وطني؟ سألت سعدي عبد اللطيف في ليلتها. منو يسويها؟ نوري المالكي؟ التفت للربع: شوفوا بيش حلفني وشيّلني؟
دخلنا بما يشبه الجد وكدنا نخلص الى انه في اللحظات التي يضرب بها الطوب، كما يرمز العراقيون للحظات شوقهم للجلسات الخاصة، نلوذ بأغاني السبعينات ان صح هذا الحصر الزمني. صادف في تلك الليلة ان كان بيننا ضيف يعيش في غير منفانا اللندني ويكتب أغاني.  في الحقيقة انه كاتب مكثر بامتياز من حيث الكم.  
أحد أصدقائنا الرسامين سألني بخبث بريء جدا: ما هو رأيك بالأغاني التي يكتبها فلان وكان صاحبنا يسمع. تملصت من الجواب فلم تعبر حيلتي على السائل فظل يلّح. ولأختمها على غير مسك وامري لله: الأغنية التي لا يغنيها العراقيون عندما تصيبهم الوحشة او يدبّ دببها، ليست اغنية. ولأن صاحبنا الضيف اكتشف ان لا أحد فينا غنى له ربع اغنية وجد لنفسه عذرا وغادر الجلسة. قلت للرسام ها ارتاحيت؟ غنّى:
انت، انت شما تدور الدنيه انت الماي ما بدّل اوصافه
يا طواريـج يروحي، مثل نسمة صيف مليانه ترافه
عاشكين احنه وهـوينه ومثل ما ردنه لكيـنه

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بوتين: علينا أن نختار السلام الذي يضمن أمننا

حظر تجوال شامل في طرطوس بعد أحداث "جبلة" الدامية

الصدر: أتابع "تيك توك" في أوقات الفراغ وبما يرضي الله

النفط: إنتاجنا من الغاز لا يسد حاجة محطات الكهرباء

النقل: 3 محافظات أكدت جاهزيتها لتنفيذ مشروع طريق التنمية

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: صيف المالكي

العمود الثامن: براءة نور وتابعه هيثم !!

العمود الثامن: نشيد عالية وأخواتها!!

الذين يتمسحون بأذيال السيستاني

العمود الثامن: ألف حزب وحزب

العمود الثامن: من أين لك هذا ؟

 علي حسين ينظر المواطن المسكين مثل جنابي الى بلده العراق ، ويشعر بالأسى على بلدٍ كان يراد له أن يلتحق بقطار العصر، فارتدّ بهمّة خطب سياسييه، إلى الوراء، إلى مجرد احزاب سياسية تضحك...
علي حسين

كلاكيت: كيليان مورفي وأشياء صغيرة كهذه

 علاء المفرجي مثل مواطنه دانيال دي لويس، جاء الممثل الايرلندي "كيليان مورفي" الى السينما من بوابة المسرح، ومثل لويس تماما كتب أسمه بحروف ناصعة بين ممثلي السينما الكبار منذ أول دور له، حتى...
علاء المفرجي

الصوم.. في التحليل السيكولوجي

د.قاسم حسين صالح انشغل علماء النفس بدراسة الصوم بيولوجيا وسيكولوجيا وانتهوا بموقفين متضادين: ألأول، يتبناه كتّاب وأطباء نفسانيون عرب،يرون ان الصوم يؤدي الى انخفاض مستوى الجلوكوز في المخ،فينجم عنه اضطراب في عمل الدماغ، واختلال...
د.قاسم حسين صالح

إرباك هائل بسبب دراسة خاطئة

إبراهيم البليهي ليس أسهل من دفع الناس في اتجاه الخطأ خصوصا إذا خوطبوا باسم العلم والبحث العلمي وتم تخويفهم بأن صحتهم في خطر.. ففي عام 1951 نشر الباحث الأمريكي أنسيل كيتس دراسة زعم أنه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram