لا يُعابُ الرجل إلاّ على أمرين ، نكوث عهده وضُعفه أمام الأهوال، وهما من أقوى دلائل الاختبار للنفس ، إن أفلح بهما لن ينتقصَ منه أحدٌ ، ويشار إليه بكل فخرٍ أينما أتى ذكره وتُدرّس مواقفه للنشء الجديد لعلّهم يمضون على خُطاه، وإن أخفق فتبقى سمعته موصومة بما لا يرضاه طالما أنه لم يكن وفياً لكلمته ولم يتحلّ بالشجاعة ساعة المحنة وامتلاك القرار كمقبض السيف لمواجهة مُتحدي القانون.
العهد والشجاعة، مفردتان تثيران اللغط وتقدحان شرارات الغضب وتضعان أيّ مسؤول أمام الحساب إذا ما تجرّد منهما لاسيما أن الظرفَ الراهنَ الذي نعيشه أفرزَ العديدَ ممّن يطاردهم سخطُ الشعب ويستحقون المُساءلةَ والعقابَ لتلاعبهم بالمال العام وتورطهم في صفقات مشبوهة، لكن أن تنتقل العدوى الى سوح الرياضة ويتم تسويف العهود وعدم اتخاذ القرار الشجاع بما يحمي الرياضة نفسها من اطماع بعض مغتصبي المناصب بقوة الديمقراطية كما يزعمون فهي بَراءٌ من سلوكياتهم اللانزيهة وحملات الانتخاب المحسومة سلفاً على موائد السحت الحرام!
توسّمنا خيراً بتوجّه وزير الشباب والرياضة عبدالحسين عبطان بإلقاء حجر كبير في بئر الرياضة الذي لم يستفد منه سوى قلّة من المنتفعين، بينما تكاد بقية المفاصل تموت إفلاساً وقهراً ويأساً، فجاء قرار إقامة انتخابات الأندية بعدم السماح للبقاء أكثر من دورتين ولمن لا يمتلك الشهادة الجامعية صادماً بعنف للمتضررين وكأن الدنيا أسودَّتْ في وجوههم ولن يكونوا مثل سوية الناس يشعرون بالكفاف على أرض البلاد، وأكثر ما طمأننا برجاحة القرار الوزاري اصرار عبطان أن كل شيء متاح للتغيير في اللوائح ومعروض للمناقشة ومرفوع عنه القيود إلا موعد الانتخابات لأنه يمثل السقف الشرعي لبدء مرحلة الإصلاح عملياً لا دعائياً، والموعد عهدٌ والإصرار شجاعة ليستا موضعَ اختبار عبطان شخصياً، بل لفرض سلطة الوزارة وتمشية توصيات لجنة الخبراء الذين استغرقوا في كتابة وتنقيح وتعديل اللوائح المستنبطة من القانون النافذ أكثر من تسعة أشهر.
مفاجأة الوزارة الوسط الرياضي بتأجيل الانتخابات الى شهر حزيران لا يعني اسقاطاً لتعهد الوزير وخيبة أمل المتفائلين بنهجه فحسب، بل قتلاً لوليد الإصلاح المرتقب وإلتفافاً لا يليق بمكانة وزارة تُعد من أهم الوزارات شعبيّة وتأثيراً، وتستقطب اهتمام شرائح المجتمع الشبابي الذي نحرص جميعاً على مستقبله ويتوجب أن نكون صريحين معه لا أن نتحوّل الى ببغاوات رهينة بيد الآخر نُشرعِن الكذب في نفوسنا ونوهمها بقناعة المتابعين أن المنتخبين الوطني والأولمبي وملف الحظر واستكمال المنشآت الرياضية استحوذوا على أولويات الأشهر الأربعة المقبلة لأجندة الوزارة، بينما الجميع يعي أن هذه الالتزامات بعيدة عن ضرورات التحوّل الجديد في عمل الأندية بانتخاب رؤساء واعضاء يسهمون في تحقيق كل ما نتمناه من تطوير للمنتخبات في جميع الألعاب وتعزيز الأمان في الملاعب بهدف طمأنة مسؤولي الاتحادين الدولي والقاري بسلامة اللعب على كل شبرٍ من ارض العراق.
دعوة للوزير عبطان أن يستأنف إجراء الانتخابات في موعدها آذار القادم بإضافة مادة تشير الى قبول ترشيح من أمضى دورتين شريطة عدم السماح له بالعمل في منصب آخر مثل الممثلية أو الاتحاد أو المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية لضمان تخصيصه الوقت الكافي في ناديه وعدم اتخاذه معبراً الى مؤسسات أخرى يستحوذ على قراراتها كيفما اتفق، مع تقديمه الاستقالة من ناديه وليس تجميد عضويته في حال اقتضت الحاجة الى خبرته في منصب آخر.
نتمنى ان يستقتل الوزير عبطان في المحافظة على الجهود المبذولة طوال العام الماضي لإحداث تغيير موجِب في آليات عمل الأندية الرياضية التي اصبحت بيوتات خاصة خاضعة تحت تصرّف رؤسائها وكأنها مملوكة لهم أو أن يتقدم باستقالته احتراماً لمدة استيزاره التي شهدت محطات متقدمة من تنقية الأجواء مع شركاء الرياضة وهِمَمَاً كبيرة لإنجاز بعض المشاريع وتنظيماً ملموساً لإدارة مفاصل الوزارة ، وسيكتب التاريخ في يوم ما أن عبطانَ سارَ برأسٍ مرفوعة الى بيته رافضاً أن يُسيَّر الى حيث يشاء بعض المتباكين على فقرهم العلمي ودكاكينهم الخاسرة!
عبطان.. استَقتِلْ أو استَقِلْ
[post-views]
نشر في: 2 فبراير, 2016: 09:01 م