صوتها المكابر، الراعف بالحاجة، لا يخطئه سمع.
سمع من؟؟
الذين في آذانهم وقر، وفي أسماعهم صمم؟
وصورتها القديمة نازفة بوجع الفاقة، لاينكرها بصر ولا تحجبها ستائر الدانيل العتيقة؟
بصر من؟؟
الذين في عيونهم غشاوة وعمى وغبش رؤية، وفي نفوسهم جوع قديم للمال والجاه والمنصب،
حشرجة أنفاسها المتلاحقة، العاتبة، الغاضبة، سوط يجلد السامع كلما أزمع الرحيل لعالم النسيان.
التجاهل عبث، والسوط قارع، وأنا أهاتفها - بعد طول انقطاع - لأسأل عن احوالها وقد قاربت الثمانين.
— كفي عني إن كنت حقا صديقة العمر الضائع،، تتباهين بوجع الغربة والتلظي بجمر الاغتراب.. هه.ههههه.
باغتتني لهجتها القاسية. ولم تسعفني لغتي بالبحث عن كلمة، عن جملة، أهدئ بها من روع صديقتي القديمة. اجبتها متعللة بالمرض والظروف و،،و،، والله حسبتك مغادرة مع من غادروا من الأهل والجيران …
— لم أغادر. رغم إني سقيت بكأس الغربة ولبست بردتها المرقعة، وانا منزوية في عقر داري وقعر وطني !!
لن أجاهر بحاجتي المادية ولو مت جوعا. ولا أخفيك، إني اعيش — كما الملايين غيري — عيش الكفاف.. هل جرب الذين يتاجرون بغربتهم عيش الكفاف؟ هههه.
لست بفاضحة فقري بنشره على الملأ. فالاستجداء مذلة ومهانة، ولكن صدقيني : الفقر في الوطن منتهى الغربة … لم احظ إلا براتب تقاعدي ضئيل — بعد خدمة طويلة في مهنة التدريس، وحتى هذا النزر الضئيل. صار متقطعا وغير متاح في موعده في ظل الأوضاع المالية المتردية. قدمت طلبا للحصول على راتب الرعاية الاجتماعية،، رفض الطلب. لا أقوى على العمل في هذي السن،،،،،،،،
— سأبعث لك بعد غد بما يتيسر لدي من نقود..
— ارجوك، ارجوك. كفي عن إهانتي ولا تنكأي جروحي …
— كيف إذن، أمد يد المساعدة؟؟
— افعلي — افعلوا شيئا يزيح وطأة الكابوس عن العراق، لا تكفي الصلاة المجردة، ومع ذلك صلوا واعملوا من أجل المحرومين والمهجرين والقادرين المعطلين عن العمل … …يتحشرج الصوت مجددا ويتقطع (يا إلهي انها تبكي).. ينقطع الاتصال،
* ترى، من بوسعه مد يد المساعدة لجموع المتعففين في عراق اليوم، من؟
النجدة… إنهم يصرخون بصمت!!
[post-views]
نشر في: 3 فبراير, 2016: 09:01 م