اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > تديرُهُ جماعاتٌ منظمةٌ وعصاباتٌ .. التسوُّلُ مهنةٌ أم حاجةٌ ؟

تديرُهُ جماعاتٌ منظمةٌ وعصاباتٌ .. التسوُّلُ مهنةٌ أم حاجةٌ ؟

نشر في: 6 فبراير, 2016: 12:01 ص

ينتشرُ عشراتُ المتسولينَ بينَ شوارع وأزقة العاصمة بغداد بين السيارات المتوقفة عند إشارات المرور والتقاطعات التي حجز البعض منها من قبل متسوِّل او مجموعة يتبادلون الوقوف بالمكان حسب جدول يومي يكون بدوام صباحي ومسائي. آخرون يدخلون مزايدات في ما بينهم من

ينتشرُ عشراتُ المتسولينَ بينَ شوارع وأزقة العاصمة بغداد بين السيارات المتوقفة عند إشارات المرور والتقاطعات التي حجز البعض منها من قبل متسوِّل او مجموعة يتبادلون الوقوف بالمكان حسب جدول يومي يكون بدوام صباحي ومسائي. آخرون يدخلون مزايدات في ما بينهم من أجل شراء رصيف او تقاطع ، ويتحكمون بكل مَن يقف عليه. بعضهم الآخر يحمل اوراقاً متهرئةً لتقاريرَ طبيةٍ او عكاز طبية وما شابه ذلك، يقنعُ به الآخرينَ بأنهم فقراء يستحقون الصدقة. بعضهم يكتفي بالتسوّل على أبواب المحال في الأحياء الصناعية والتجارية.
أبو كرم صاحب محل بيع الملابس يرى أن بعض المتسولين عبارة عن لصوص متنكرين بزي الفقراء والمحتاجين، مضيفا: حتى تاه علينا الأمر مَن الفقير المستحق ومَن المدعي؟

والدي مقعد وبيتنا خربة
الطفلة ليلي البالغة من العمر 9 سنوات في التقاطع القريب من مجسَّر باب المعظم وهي تطلب المساعدة المالية من المارة، ليلى تحدثت لـ( المدى ) انا اسكن منطقة  المعامل وأبي مقعد وأقوم بطلب المساعدة لسد حاجتنا المالية اليومية. مضيفة: ان امها  على علم بأمرها وان اخي الأصغر ايضاً يمارس العمل في المكان نفسه.
وتسترسل الطفلة ليلى في حديثها، تقول ليس لدينا أيَّ مورد نسكن في بيت خربة بايجار مقدارة (150) الف دينار ولم يُخصص أي راتب من الدولة لنا برغم حاجتنا. موضحة: لذا لم يكن امامي اسهل من طلب المال  من الناس. مبينة انها تحصل يوميا على  ما يقارب (30) الف دينار يومياً، وفي يوم الجمعة نذهب الى الجوامع والحسينيات.

العقابُ للمتسوِّلِ ومَن غرَّر بهِ
المحامي بكر حسام التقت به ( المدى ) في مجمع تحقيق ألاعظمية يوضح أن التسوّلَ جريمةٌ يعاقبُ عليها القانون العراقي وفق المواد (390،391،392 ) من قانون العقوبات، مبيناً: ان هناك عقوبة للمتسوِّل ولمن يُغري المتسوِّل ومَن يتصنّع العاهة ويحتال بها.
واضاف المحامي:  أن القانون يُشير  لى أن كل شخص كان عمره (١٨) عاماً وقادر على العمل وله مورد مشروع ووجد متسولاً يُعاقب بالحبس لمدة لا تزيد على شهر واحد وإيداعه لمدة سنة في دور التشغيل او دار المسنين ان كان مسنا، ويُعاقب بالحبس والغرامة من أغرى حدثاً للتسوّل وإن كان ولي أمره. مستطردا: أن القانون عالج  هذا الموضوع بمعيارين: الأول عقابي والثاني اجتماعي، كما نصّت عليه المادة (391) من قانون العقوبات وهذا الاتجاه يتناغم وينسجم مع الشريعة الإسلامية وجميع الشرائع السماوية الأخرى. متابعاً: من خلال توفير مأوى لهؤلاء وهذا مادرجت عليه كل دول العالم والقانون العراقي اخذ بمعيار تقييد هذه المهنة (التسوّل) والعقاب لمن ارتكبها . والعمل من خلال توفير الدور والسكن المناسب لهؤلاء وأن تتكفل الدولة بالإيواء والمسكن والاطعام ومصرف الجيب وغيرها من متطلبات الحياة.

 تجارة مربحة
السيد مؤيد عبد الرحمن مدير تنفيذي في جمعية غير حكومية يقول لـ(المدى) أن ظاهرة التسوّل في بغداد والمحافظات اصبحت مهنة وتجارة مربحة يومية. مضيفا: المجتمع العراقي وضمن تقاليدها المعروفة وايماناً بمد يد العون للمحتاج والتعاطف  مع كل حالة عوز يشاهدها في الشارع ويبق أمر طالب المساعدة مستحق من عدمه. واشار عبد الرحمن:  الى ألانتشار الكبير في الساحات العامة، بل وصل الأمر الى طرق الأبواب السكنية في المناطق والأحياء. مؤكدا: انها اصبحت مهنة يكسب منها البعض الى مبالغ خيالية تصل احياناً الى 100 الف دينار في اليوم. داعيا:  الجهات ذات العلاقة الى المعالجة الجذرية لهذه الظاهرة لاسيما ان هناك قسما كبيرا من النساء يمارسن هذه المهنة مما يشكل خطرا كبيرا في حال تعرض بعض الشباب الى مغريات بعضهن.  

متسولاتٌ من جنسياتٍ عربيةٍ
في حين يري المواطن حسن هادي أن ظاهرة التسوّل  انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل غير طبيعي وكأن الحكومة غير موجودة  للحد من  هذه الظاهرة. مشيرا: الى  أنتشار المتسولين ومنهم  النسوة من جنسيات عربية مختلفة  في المناطق السكنية. مشدداً: هذا خطر آخر على عوائلنا وربما يحدث العديد من الحوادث.
واضاف هادي: ان البعض من النسوة يحملن  صغارهن  كوسيلة لطلب المساعدة من المارة  وهنَّ يطرقن جميع ابواب المحال والدور السكنية. مردفا: ان البعض من المتسولين يبتكرون المهن المختلفة في الساحات العامة خشية الملاحقة القانونية. موضحا: كأنهم دخلوا في دورات تدريبية للتخلص من العقوبة القانونية وهم  من مختلف الأعمار والأجناس منتشرين  في الساحات العامة  والشوارع  المهمة في العاصمة بغداد.

مسؤوليةُ الحكوماتِ المحليةِ
الى ذلك اكد وزير العمل والشؤون الاجتماعية محمد شياع السوداني: ان ملف ظاهرة التسوّل اصبح من مسؤولية الحكومات المحلية في المحافظات، مشيراً: الى عدم وجود اية مادة قانونية تجيز للقاضي اصدار امر بإيداع المتسولين دور الرعاية الاجتماعية. مطالبا: باجراء تعديلات على القوانين، بما يتيح للقاضي اصدار أمر حجز بحق المتسوّل وايداعه دور المشردين في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
وأضاف وزير العمل في بيان صحفي اطلعت عليه (المدى) ان الدور على استعداد لتقديم اوجه الرعاية اللازمة له لحين ان يصدر القاضي امراً بإعادته الى ذويه بعد الاطمئنان عليه.عازيا اسباب تزايد ظاهرة التسوّل في شوارع العاصمة والمحافظات الاخرى الى الوضع الأمني غير المستقر، سواء في المحيط الاقليمي او داخل العراق، مشيرا الى ان الظاهرة بدأت تزداد بعد الاحداث التي جرت في سوريا ومن ثم ازدادت بشكل واضح وملحوظ بعد سقوط مدينة الموصل.

مسؤوليةُ الحكومةِ
الدكتور علي مهدي عبدالكريم  يقول لـ(المدى) ان هذه الظاهرة وما ينتج عنها  من مشاكل اجتماعية وأخلاقية تتحملها الحكومة. مبينا: انها سجلت ارتفاع معدلات الفقر الى مستويات خطيرة، كذلك عجز الحكومة الحالية والحكومات السابقة في المعالجات الجذرية للحد من ظاهرة التسوّل التي لم تسجل أيَّ تقدمٍ. مردفا: ان الموضوع بحثي ويحتاج الى الكثير من الدراسات والتحاليل من قبل أصحاب الشأن.
واضاف علي أن جميع  المجتمعات في العالم تركز على قضية نشأة الطفل وتوفير مستلزمات تعليمه وتطوير قدراتة بغية ترجمة هذا التوجة الى بناء مجتمع سليم متعافٍ. مستدركا: لكن الوضع في العراق مختلف جداً لذلك نري يومياً كمّاً هائلاً من الاعداد المتزايدة من المتسولين في الساحات العامة خصوصاً الطريق المؤدي الى وزارة الداخلية وبالعكس وامام أنظار السادة المعنيين في ألامن الداخلي للبلاد. مشددا: ان هذا مؤشر آخر يُبين فيه حجمَ المشكلة وان لم يكن هناك ردع حقيقي لهذه الظاهرة لاسيما انها اصبحت مهنة مربحة للبعض ممن يرسل مجاميع من الأطفال للتسوّل.
منظماتُ المجتمعِ المدني
ابراهيم لطيف طالب كلية القانون في الجامعة العراقية يقولـ(المدى) إن  ظاهرة التسوّل سيئة وتعد تحدياً للمجتمع اذ انها توضح الجوانب السلبية والمدانة. مبينا: انها قد ازدادت هذه الظاهرة لسوء تنظيم المجتمع لأسباب تتعلق بالحروب والحصار فضلا عن مشكلات مزمنة يُعاني منها المجتمع العراقي مثل الفقر والامية والجهل وتفكك الاسرة. مؤكدا: يمكن حل مشكلة التسول من خلال مواجهة جماعية، تلعب فيها الدولة مع الجهات ذات العلاقة  ومنظمات المجتمع المدني الذي يمكن ان يكون لها  الدور الفاعل في التشخيص والمعالجة، ولاشك ان الشخص المحتاج لا يتسوّل الا عندما يفقد الحصانة المبدئية والاخلاقية لسبب او لآخر حينها لا يتردد في مدِّ يديهِ الى الناس.

تلازم السرقة والتسوّل
 في حين يقول استاذ علم الاجتماع صباح العبيدي لـ(المدى) إن الدراسات العلمية تشير  الى ان هناك علاقة متلازمة بين التسوّل والسرقة لأن الانسان عندما يفقد الحياء فانه يفعل كل ما يريد من دون أية دراية. موضحا: ان التسوّل قد يصبح عادة لا يمكن تجاوزها او الابتعاد عنها وتصبح اكثر تركيزا وترسيخا. وما يساعد على شيوع ظاهرة التسوّل ضعف وسائل الضبط الاجتماعي مثل الشرطة والأمن والمحاكم والمؤسسات الإصلاحية. مردفا: تنخفض معدلات التسوّل اذا كانت هذه العوامل قوية وفاعلة ومتشدِّدة وحازمة. واشار استاذ علم الاجتماع: إلى لجوء المتسولين في مختلف الطرق لاستدرار عواطف الناس، بما في ذلك لجوئهم لاستخدام الأطفال وعرض حالات خاصة من قطع الأطراف في سبيل الحصول على الأموال. مضيفا: مع اتهامات توجه للمتسولين بأنهم امتهنوا التسول في ظل تواجد أعداد كبيرة منهم في الشوارع. موضحا بذلك أن الأطراف الحكومية أسهمت بالإهمال في معالجة هذه الحالة المتفاقمة، ولهذا علينا أن نركز وان نجد الحلول السريعة لوقف هذا التوسع من خلال تطبيق قوانين صارمة.

جريمةٌ تحت ستار التسوّل
مخلد كريم  (26) عاماً يوضح لـ(المدى): أن ظاهرة التسوّل شوَّهت  المجتمع وما نشأ عنها من أضرار أخلاقية وسلوكية واجتماعية وأمنية وان نكون يداً واحدة ضد هؤلاء المتسولين وأن نبحث عن الفقراء والمعوزين الحقيقيين لا المحترفين والخطرين وما ينتج عنهم من سرقات وفساد اخلاق وترويج الممنوعات وجريمة  تحت ستار التسول. مبينا: علينا أن نؤمن بفعل الخير والصدقات والإحسان للفقراء والمحتاجين فعلاً  ومد يد العون والدعم والجود والكرم لمن هو في أمسِّ الحاجة لها، فالتسول هو طلب مال، من عموم الناس باستجداء عطفهم وكرمهم واحسانهم، إما بسوء حال او احتياج او بالاحتيال باستخدام الاطفال او النساء بغض النظر عن صدق المتسولين أو كذبهم.
فنونُ التسوِّلِ
جزء من فنون التسول بعض النساء تقوم باستئجار أطفال من عائلات معدمة وإعطائهم مادة مخدرة من أدوية الحساسية أو الفاليوم ليخلدوا إلى النوم، وهم شبه عراة حتى في البرد القارس فيبدو الطفل وكأنه مريض أو موشك على الموت بالتالي يكون المنظر مؤلم امام الناس .
عن ذلك يقول علي ادهيم ضابط شرطة ان عصابات إجرامية استغلّت المتسولين وخاصة النساء ممن يدخلن الأحياء السكنية ويطرقن الأبواب خصوصا دور الأثرياء تحت قناع التسول. مستدركا: لكنهن يقمن بالتحري والكشف ومعرفة ما يدور في هذه البيوت وكيفية الدخول والخروج منها واليها بعدها ينقلن صورة كاملة للعصابة .
المتسول واثق حميد بيّن أنهم أناس فقراء ومحتاجون ولا صلة لهم بعصابات السرقة والخطف. مردفا: لو حصلنا على معونة كافية من الدولة او عمل ملائم لما عرضنا أنفسنا للذل والإهانة والمحاسبة والمطاردة من قبل الشرطة. مبينا: انه معاقٌ ولديه ستة اطفال .
ومن فنون  التسوّل ايضا يصادفك شاب أو رجل في مقتبل العمر وبكامل اناقته انه بحاجة لمبلغ معين من المال لسد اجرة السيارة او دفع فاتورة الطبيب بسبب ضياع محفظته او سرقته.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram