بغداد/المدىشارع الرشيد الذي افتتح في بدايات القرن العشرين يعد شاهدا على الكثير من الأحداث التاريخية التي مرت ببغداد وسجّل لمراحل مختلفة من تطور المجتمع العراقي خلال العقود العشرة الماضية على الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية ، شارعٌ بحجم مدينة !
والبعض قال إن مَن لم يدخل شارع الرشيد فكأنه لم يزر بغداد! بين الباب المعظم والباب الشرقي مرورا بمحطات الحياة المختلفة بدءاً من الميدان وسوق الهرج والحيدر خانة وجامعها الشهير، ومقهى حسن عجمي والزهاوي الى رائحة الكتب وورق المطابع في شارع المتنبي الى ساحة المأمون التي اختطف اسمها الرصافي منذ السبعينيات حين ارتقى منصته الحالية ، الى معدة العراق الاقتصادية" الشورجة " وما يجاورها من سوق الجام ودانيال وشارع البنوك شارع السموأل ورأس القرية وحافظ القاضي واورزدي باك والمربعة ورأس القريه وسيد سلطان علي والسنك ومقهى البرازيلية وشريف وحداد وشارع الخيام ثم اسطوانات جقماقجي والسينمات التي لم تنقطع عروضها لإمتاع البغداديين نهارا وليلا... وبعد ان كان يحظى شارع الرشيد بخصوصية ضوابط وتحديدات تسعى للحفاظ على هويته مثل منع سيارات وعربات الحمل من المرور فيه والتشجيع على صيانة واجهات بناياته وعدم السماح بفتح محال بيع الخضروات والقصابة والمهن الحرفية التي تشوه ملامحه بل كانت هناك سيارات للأجرة خاصة لدخوله دون غيرها ، بعد كل ذاك يمر شارع الرشيد اليوم بحالة خراب وفوضى بشعة وانتهاك لجمالياته ودلالاته الثقافية والتاريخية بل حتى الاقتصادية ، وبين الحين والآخر نسمع أصواتا تدعو لأعمار الشارع وإعادة الحياة إليه حضرياً وخدميا أسوة بتجارب مماثلة في مدن أخرى منها قلب العاصمة اللبنانية بيروت أو ما عرف بمشروع "السوليدير". تقول دراسة تسعى لوضع تصميم حضري جديد لمنطقة شارع الرشيد أن المنطقة تعاني من المشاكل الأساسية التي تعصف بمناطق بغداد التاريخية القديمة والتي نتجت عن سوء التخطيط عموما وعن إهمال أصحاب الأملاك والمصالح إضافة إلى ضعف الوعي العام لدى سكان ومرتادي المنطقة والتي أدت إلى البناء العشوائي للمباني الجديدة بدون الالتزام بالضوابط التي كانت تمثل نماذج معمارية مميزة ووجود العديد من المباني المتهدمة بالإضافة الى الأراضي الخالية التي أصبحت مكبات للنفايات. كذلك عدم وجود برنامج للصيانة والإدامة مع إهمال كبير من أصحاب المباني والأملاك لمبانيهم التراثية ،وانعدام وتهرؤ البنية التحتية والخدمات في المنطقة. ثم امتداد النشاط الصناعي والتجاري إلى الأحياء السكنية القديمة، اما الفوضى والاختناقات المرورية والحركة العشوائية فقد أمست صفة لازمة في عموم الشارع ومداخله،وكذلك احتلال تجارة الجملة وفعالياتها وبضائعها جزءا واسعا من الأسواق التجارية على الرغم من عدم توفر الخدمات لمثل هذه النشاطات الاقتصادية، أما لوحات الدلالة ولوحات أسماء المحلات التجارية والخدمات وسواها من اللافتات المنتشرة في الشوارع وعلى واجهات المباني فأنها تفتقد التنظيم والتصميم وتسودها الفوضى والارتجال،وأيضاً انحسار تام للمساحات الخضر بل فقدانها. ان مهمة إعادة الحياة لشارع الرشيد مهمة وطنية كبيرة تقع على عاتق الجميع، وما نسمعه ونقرأه عن النهوض بتلك المهمة منذ ثلاث او أربع سنين، بات كلاما بائتا، فيما اليوم وخصوصا نحن على أعتاب دورة انتخابية جديدة، راح يطمح المواطن وبإلحاح بالمباشرة الفعلية بانجاز تلك المهمة الوطنية الكبيرة.
اعمار شارع الرشيد مهمة وطنية ملحة
نشر في: 17 يناير, 2010: 06:50 م