مرور أكثر من نصف قرن على حادث 8 شباط عام 1963 وإعدام الزعيم عبد الكريم قاسم في مبنى الاذاعة ، تركا في الذاكرة العراقية انطباعا راسخا بان الصراع على السلطة ثم الاستحواذ عليها ، لابد ان يكون عبر سفك المزيد من الدماء، في بلد يقال عنه انه صاحب اول مسلة ضمت نصوصا قانونية وضعها جدنا حمورابي ، لتنظيم العلاقة بين ابناء المجتمع الواحد مع بيان واجباتهم تجاه السلطة ، وحقوقهم من رجال الدولة وكبار الكهنة ، تتعلق بحمايتهم من خطر الاعداء في الداخل والخارج ، على الرغم من ان اصحاب الحقوق يساقون الى الحروب للدفاع عن اسيادهم .
القوى السياسية في العراق بعد اعلان النظام الجمهوري ، سمحت لأطراف اقليمية ودولية بوضع بصماتها على الشأن الداخلي ، فكانت النتائج الدخول في دوامة صراع جديد، اخذ طابع التصفية الجسدية ، وشن حملة اعتقالات واسعة تستهدف الخصوم السياسيين ، في يوم 8 شباط قبل اثنين وخمسين عاما حسم الصراع لصالح من عمل على تحقيق "عروس الثورات" بعد ذلك انفتحت الابواب امام دخول رياح الشبابيط ، فتركت آثارا مازالت حاضرة في المشهد العراقي .
مقتل العائلة المالكي صبيحة الرابع عشر من تموز في عام 1958 تكرر في التاسع من شباط بعد مرور خمس سنوات من تنفيذ حكم الاعدام رميا بالرصاص بالزعيم عبد الكريم قاسم مع كبار مساعديه ، التلفزيون الرسمي وقتذاك نقل مشهد التنفيذ ، ليبعث برسالة الى من صدق أكذوبة وجود صورة الزعيم في القمر ، على الرغم من ذلك لم يصدق الكثير من العراقيين مقتل زعيمهم رمزهم فهو حي يرزق ، سيعود في يوم ما الى مقره بوزارة الدفاع في الباب المعظم !
المرحومة ام علي كانت تحتج بشدة على حديث الاهل والاقارب بخصوص تأكيد مقتل الزعيم ، ابنها الاكبر العريف في الجيش صدرت بحقه عقوبة السجن بنكرة السلمان بتهمة الدفاع عن الزعيم قاسم ، مستجدات الاحداث الاقليمية مع كل المتغيرات في الساحة المحلية بتنفيذ انقلابات عسكرية لم تزعزع قناعة المرحومة فكانت ترد بكل قوة " ياعمة الزعيم عدل" ما دليلك ياعمة؟ فتجيب بلهجة الواثق المتأكد " بهاي عيوني شفته كبال الصحن يجدي بالكاظم " ابناء المرحومة كانوا يسخرون من مزاعم والدتهم، لعلها تتخلى عن فكرة عقيمة ، فاخبرها احدهم اذا كان هذا مصير الزعيم فالموت افضل له.
الشبايبط تركت في نفوس العراقيين خيبة خلفتها قوى سياسية ، انشغلت بالصراع السياسي على حساب بناء الدولة ، ولكل طرف اسبابه ومسوغاته ، لكن لم يشهد التاريخ العراقي الحديث اعتراف طرف بمسؤوليته عن السماح لدخول رياح الشبابيط الى الحياة الساسية ، حتى اصبحت علامة فارقة تشير الى ادنى مستويات الانحطاط ، سواء في النظام الديكتاتوري او الديمقراطي، اطلق لها السيف وليشهد لها زحل .
شبابيط
[post-views]
نشر في: 8 فبراير, 2016: 09:01 م