ليست هناك طريقة أخرى لوصف المسألة: عباس كياروستامي مجرد شخص دقيق وصارم. إن عراب الموجة الإيرانية الجديدة ينام أربع ساعات فقط في الليل وينشر كتابين أو ثلاثة كتب من الشعر في السنة وقد افتتح تواً معرضاَ للفوتوغراف في متحف آغا خان في تورنتو صنع فيه مطبوع
ليست هناك طريقة أخرى لوصف المسألة: عباس كياروستامي مجرد شخص دقيق وصارم. إن عراب الموجة الإيرانية الجديدة ينام أربع ساعات فقط في الليل وينشر كتابين أو ثلاثة كتب من الشعر في السنة وقد افتتح تواً معرضاَ للفوتوغراف في متحف آغا خان في تورنتو صنع فيه مطبوعات بحجم حقيقي للأبواب وبنى إطارات بنفسه. هذا إضافة إلى الأفلام الطويلة التي يستمر في تصويرها عبر أنحاء العالم. لذا لا تتجرأ على السؤال عما هو فاعل: فالرجل لا يستطيع التوقف عن صنع الأشياء. وهو يعزو هذا الجيل المبدع السريع إلى "قلقه الأساسي الحاسم طوال الحياة".
حين كان يحضر مهرجان مراكش الدولي للفيلم ليقدم دروساً أساسية ناقش كياروستامي المزيد مشاريعه الفيلمية التالية إضافة إلى ورش صناعة الفيلم في كوبا التي سوف يحضرها السنة القادمة.
أولاً وأخيراً ، الأخبار تقول أن كياروستامي يحضر لفيلمه الطويل القادم الذي سيصوره في الصين. حالياً يوظف العنوان الفاعل "السير مع الريح" ( الذي هو عنوان لكتابه في الشعر) وسوف تمثله الممثلة الإيرانية التي يرفض أن يسميها وطاقم من الممثلين الصينيين. قرر المخرج أن يصور في نيسان وآيار لكنه أبقى سراً على التفاصيل الأخرى حول المشروع. غير أن الممثلة جوليت بينوشي، التي مثلت في فيلم "نسخة مصدقة"، كشفت عن أن الفيلم يدور حول "سيدة منظفة تعتني بالآلاف من الغرف في بناية كبيرة".
مأسوراً بالعمل في البلدان الأخرى ( آخر فيلمين له صورا في إيطاليا واليابان) قال كياروستامي بأن دافعه وراء التصوير خارج إيران كان تجربة "الذهاب إلى أماكن جديدة ورؤية ما يحدث". لكن هناك أيضاً عنصرا من توسيع الفهم لأعماله من خلال عبور الحدود الثقافية. يقول:"العالم يتواصل مع أفلامي الإيرانية من خلال ترجمتها لذا فحين نفكر بأن الفيلم له لغة عالمية وشكل فني كوني فما دور اللغة أو الخصوصية الثقافية ، أتساءل؟".
كان يفكر عميقاً بلغة الفيلم. يقول:"حين كنت أصور في ايران يجري التواصل مع أفلامي من خلال الترجمة لذا اعتقدت ماذا يحدث لو أني تواصلت مع أفلامي من خلال الترجمة؟" وهو يقول بشكل ساخر "الشهر الماضي دبلجوا فيلم "نسخة مصدقة" إلى الفارسية وذهبت لمشاهدته وللمرة الأولى أدركت ماذا يقول الممثلون وعما كان الفيلم يدور. حتى ذلك الوقت لم أكن أعلم". هذا الاندفاع نحو الحدود السينمائية والثقافية ألهمه ليرى تماماً كيف يمكن أن تكون لغة الفيلم. الوعد الوحيد الذي وضعه كان "لا ترتكب أي خطأ ثقافي كي لا يدرك أحد بأن الفيلم قد صنعه طاقم أجبني. اعتقد بأني ابتعدت في آخر فيلمين وسنرى ماذا يحدث في الصين". إضافة إلى أن كياروستامي قد أشغل نفسه بصنع 24 فيلماً قصيراً لمدة أربع دقائق ونصف حول بيته في إيران. وأكمل منها 18 فيلماً والستة البقية قادمة. أكد كياروستامي بأن الشكل القصير كان ببساطة يناسب الأفكار التي يقول عنها "الطول يأتي بشكل طبيعي من الموضوع نفسه". ويقول بالنسبة إلى عدد الأفلام "أربع وعشرون هو الرقم الذهبي الذي تراه أحياناً عديدة لكن العدد الذي يهمني بشكل كبير هو 24 إطاراً".
في الشهر الحالي سوف يذهب كياروستامي إلى كوبا ليقيم ورشاً لصناعة الفيلم مع المخرجين الواعدين لكن مقاتل السينما الفنية العالمية أكد بأنه ليس لديه قصد من تعليم أو نصح لكن بالأحرى أنه يعتمد على الفرصة ليصبح طالباً أمام نفسه". يقول: "بالنسبة لي هذه الورشة هي فرصة فريدة للرجوع رسمياً إلى موقع المعلم لأني أصنع أفلاماً معهم". ويضيف:"بالنسبة لي هذه فرصة كي تصبح غير محترف مرة أخرى وتنضج رؤيتك نحو السينما وترى كيف أننا يمكن أن نصدر طرقاً جديدة للتعبير عن أنفسنا". أكد على الطبيعة الشخصية للإخراج وفردية الفنانين:"إخراجي هو إخراجهم- عليهم أن يبدأوا بالحركة. يجب أن يستمروا برحلتهم. كل ما أحاول أن أفعله هو محاولة جعلهم لا يضيعون مسار رحلتهم الخاصة لا رحلتي".
على الرغم من تردده في تعليم الدور فمن الواضح بأننا كلنا يجب أن نتعلم من كياروستامي ومن نتاجه المعجز وتأملاته العميقة جداً وموقفه الفلسفي نحو نفسه وعمله.