TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تبييض وجوه

تبييض وجوه

نشر في: 12 فبراير, 2016: 09:01 م

وهاهي ظاهرة جديدة أخرى تغزو الشارع العراقي وتنتقل عدواها الى السياسيين ايضا وهي ظاهرة (تبييض وجه ) صدام ...فبعد ان عقدت امرأة عجوز مقارنة بسيطة وعفوية بين صدام وساسة اليوم فقالت لاحدى القنوات الفضائية :" لقد كان صدام ظالما اذاقنا الجوع والفقر والذل ،لكن حكام اليوم جاءوا ليبيّضوا وجهه  " ، ظهر السياسي والبرلماني السابق عزت الشابندر ليؤكد هذه المقارنة بقوله ان ساسة اليوم بيّضوا وجه صدام بسواد افعالهم من جرائم وصفقات فساد واهمال للشعب واستخفاف بمعاناته ..
كما ظهر امين عام منظمة بدر النائب البرلماني هادي العامري ليقول لمتابعي الفضائيات انه لو كان يعرف ان داعش سيكون بديلا لصدام حسين لحارب مع صدام ونصره على أعدائه !!
هذه العدوى التي اصابت السياسيين يرددها المواطنون بكثرة مؤخرا ،إذ تفرض المقارنة بين الزمن الماضي والحاضر نفسها عليهم حين يفقدون الامل تدريجيا بالعيش الكريم في بلد آمن ومستقر ..ورغم ان صدام قاد العراقيين الى حروب متعاقبة افقدتهم اولادهم ووضعتهم بين فكي حصار اقتصادي ظالم وأد اطفالهم بسبب نقص الغذاء والدواء إلا انهم يجدون في سلوكيات الحكام والساسة الجدد مايجعل افعال صدام اقل وطأة عليهم ..لماذا يصرالساسة اذن على تحويل صدام الى بطل وتلميع صورته وتجميل ملامحه من جديد ؟...ألم يأتوا للاطاحة به وتخليص الشعب العراقي من دكتاتوريته وتسلطه وجرائمه بحقهم ؟...كان الاولى بهم اذن ان يمنحوا شعبهم صورة اجمل وملامح تشيع فيه الاطمئنان لكنهم كشفوا عن ملامحهم الحقيقية ما إن بلغوا مقاعد السلطة فتعددت جرائمهم وانكشفت ملفات فسادهم...
لقد صحا العراقيون على قصص جديدة اكثراثارة من قصص الحروب الصدامية والاعدامات والسجون السرية والمغامرات العاطفية لنجله عدي ، فكل يوم جديد يحمل معه قصة جريمة جديدة لمسؤول ما او صفقة فساد كلفت البلد ملايين الدولارات حتى حل اليوم الذي صار على العراقيين ان يدفعوا ثمن اخطاء المسؤولين كما دفعوا من قبل ثمن اخطاء صدام ، لكن الثمن فادح جدا هذه المرة فلم يعد للعراق قوة او هيبة او مال او مستقبل واضح ..انهم يقودونه حثيثا نحو الافلاس والتخلف ويجعلونه خارج التغطية في زمن تتسابق فيه الدول لتطبع بصماتها على خارطة العالم ..من هنا بدأت المقارنة تفرض نفسها وصارسواد افعالهم سببا لتبييض وجه صدام وقد تجعله بطلا في المستقبل مالم تتحسن نواياهم ويمدوا يد انقاذ مخلصة لهذا البلد وسنضمن لهم كيف سيسارع شعبنا العاطفي الجريح الى تبييض صورهم ملقياً بصدام الى ابعد نقطة في ذاكرته ...الامر يستحق المبادرة ..أليس كذلك؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram