TOP

جريدة المدى > عام > الحياة والحب فيها

الحياة والحب فيها

نشر في: 14 فبراير, 2016: 12:01 ص

14كنوز الخَلَواتوانا أسفل السُلَّم،منكسرٌ مثل دورق،كنت افكر فيكِ، انت التي تمسحين كلَّ صباحاحزاناً متيبِّسة،لتضعي أحلاماً جديدةً طازجة في زهرية روحي الفارغة.وانتِ، التي كان الليل يتمدّد في مرآة روحكِتحتملين قساوة الساعات ولا تجدين احداً يفهمكم يموت ف

14

كنوز الخَلَوات
وانا أسفل السُلَّم،
منكسرٌ مثل دورق،
كنت افكر فيكِ، انت التي تمسحين كلَّ صباح
احزاناً متيبِّسة،
لتضعي أحلاماً جديدةً طازجة في زهرية روحي الفارغة.
وانتِ، التي كان الليل يتمدّد في مرآة روحكِ
تحتملين قساوة الساعات ولا تجدين احداً يفهم
كم يموت في داخلك من الصيحات وكم قاسيةٌ هي
الحاجةُ للحب!
في اشد الساعات خوفاً، وأنا انتظر الحلم،
وأنا انتظر النقْلَ الى لا أدري أين،
كنت تحضرين أمامي
وجمالُكِ يَهَبُ الساعاتِ ضحكةً حلوة،
كان جمالُكِ يعيد لي السكينة وينقلني دقائقَ الى ظلٍّ آمن
لأتنفّس هواءً منعشاً، هواءَ صباحٍ لم تمرّ به العربات.
نحن في الفقر الطويل، الفقرِ اليابس،
الفقرِ ذي المخالب، الفقرِ المُهين،
نعيشُ في الحلم.
نعيشُ على كنوز الخَلَوات التي لا تُرى
ونَبْهَجُ مثلَ أهلِ النِعَم الباذخة.
حضوركِ يجعلنا اندادَهم وأكثر منهم أشواقاً.
في الشتاء ذي الأزرارِ النحاسية،
القومندار الثلجيُّ شديدُ القساوة
يُجلِسنا صامتين أمام الموقد مثل مُسِنّين حكماء،
والدخانُ يتقدم، يغمرُنا ويحتلُّ مناطقَ أُخرى.
لكن عيوننا الى النار، نتراعش
مبتهجين بميلاد الصور
وفَرِحين بالدفء وسط بردِ الحياة.

غافيةٌ حبيبتي
هذه هي فرصتُنا الموفّقة، حظُنا الأجملُ، مناسبةُ فرحِنا.
نحن، أعني انتِ، اعني الإنسانيةَ بصيغةِ انسان،
وانا الذي يكتب شعراً عنكِ،
ويدافع بضراوة عن الشرف المحتمي بك من رداءات العالم،
سنظل معا بيننا فرحٌ لا يُقاوَم. سحرٌ خاص.
وانا ايتها الجميلة الباهرةُ، النادرةُ حدَّ لم أرَ مثلكِ،
افكر فيك وأدعوك لمغامرة قد تفقدينني فيها
وقد تحزنين لأننا لم ننتصر.
الحياة تريدُكِ لمجدها الأبدي، واننا، حتى حين تبتعدين
أو، وهذا صعب، أن أبتعد أنا،
يجمعنا الضوءُ المنبثق من اشارة الحياة
لأن نقتربَ من معناها، من بركاتها الأبدية.
انتِ تحدثيني مثل انسان كوني، بايجاز ناعم،
بكبرياء جميلةٍ، بخَفَرٍ ايضا .
سعيدٌ بكِ يا ابنةَ موقدي النيران في الهضاب،
وسليلةِ الانتباهِ الانسانيِّ الاول للضوء،
ومنشدة القصائد في مديح الانتصار على ظلمات العالم.
لكن الحزن، ما فارق الجُسورَ ويلصق بالوجوهِ العابرة
وحتى انتِ، التي أُحِب،
تحملينَهُ في قلبكِ وتنامين مبتسمةً للصباح الذي سوف يأتي...
دعيني أهنأُ الآن ببراعةِ يديك
تمرّان على نقاط العطش، على يديَّ وصدري،
تفرزان العشبَ الاسودَ لتطلع من ورائه الوردة.
انت الآن نائمةٌ. غافيةٌ حبيبتي.
لتهنأ الحمامةُ الضوئية في ليل الشجرة
انا سأظل ساهراً أنسجُ لها أحلاماً وللحياة أُمنيات.
صباحَ الخير يا منتصفَ الليل،
صباحَ الحياة الجديدةِ يا حبيبتي،
ابتسمي معي، وان كان حبنا الصافي تحاصرُ جمالَهُ الهموم...
أغتفرُ الخطايا البريئةَ، تلك التي تريدُ ان تصل للأجمل
وأعلمُ ان في رؤيتهم لكِ، تتضاعفُ الرغباتُ ويُفتقَد الزمام.
وهذا عذرٌ يمكن ان نرتضيه. الحكمةُ خجولٌ لا تتدخل.
وانا أغفرُ للأيدي الجسورة،
التي امتدت قبل ان تغتسل من بقايا الإفطار
وأعلمُ ان جوعَهم تخلّلَ اقذاراً وحرماناتٍ،
وانا،على سعَةِ محبتي لك وسعةِ حرصي،
أخفّفُ من جريرة شُحّاذِ الحبِّ، رخيصِي النظرات.
جائعٌ واحدهم، عاطل هو يفتقد التقدير.
لا يميز الرقّةَ النادرة والجمالَ الخفيَّ الخاص وفجرَ القداسة.
هو ايضا لا يتعاطف مع السهول الشاحبة في البرد
وتلك الزهرة الوحيدة التي ترتجف في الريح.
ستظلين غريبةً بسبب تفرُّدكِ،
فرادةَ الموسيقى السريةِ في الصالة النائية،
فرادةَ الحزنِ بصحبُ الرغباتِ الخافتة
وفرادةَ الانتباهِ لما لا يراه سواك.
تقترب ارواحُنا نحن، لناس حياتنا الممرورين
والذين لم يؤتوا الرؤيةَ والحكمة لا تجد عندهم دفئا
والرغبات عندهم لها صلات قربى
مع الخبز الجيد وشذى المطاعم الذي حُرِموا منه.
جمالك لا يترك أحداً غافلاً،
فحتى اولاء، ينتبهون له باشتهاء، اشتهاءِ جياع!
حين عرفتُكِ، صارت مهمتي الاحتفاءُ بكنوز الخلوات
 بالافق الصباحي يلتمع فيه جوهرُكِ،
 بالأزهار البرية في كلماتك
 بهذا الدفء الذي يصنع خفقاتٍ مضيئةً.
انا الآخر، اعني الناسكَ الذي يتخفّى فيَّ،
بدأ زياراتِهِ للحياة، بدأ طقوسَهُ:
 يباركُكِ في الصباح، يباركُكِ في المساء،
ويشكر الحياةَ والآلهة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

موسيقى الاحد: "معركة" المغنيات

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

"الشارقة للفنون" تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة

مقالات ذات صلة

عباس المفرجي: القراءة الكثيرة كانت وسيلتي الأولى للترجمة
عام

عباس المفرجي: القراءة الكثيرة كانت وسيلتي الأولى للترجمة

حاوره/ القسم الثقافيولد المترجم عباس المفرجي بمنطقة العباسية في كرادة مريم في بغداد، والتي اكمل فيها دراسته الأولية فيها، ثم درس الاقتصاد في جامعة الموصل، نشر مقالاته في جرية الجمهورية، ومجلة الف باء، قبل...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram