عباس الغالبيلعل من أولى عناصر الاستثمار الناجح هي البيئة الآمنة التي تكفل حماية الشركات الأجنبية التي تدخل برؤوس أموال كبيرة الى سوق العمل، هذا فضلا ً عن عناصر أخرى تتضافر وتتعاضد لنجاح أية عملية استثمارية . ونحن ليس بصدد مناقشة العناصر مجتمعة بقدر ما نحاول التركيز على البعد الأمني الذي يعد العنصر الأكثر أهمية لمسارات الاستثمار الناجح.
وفي تجربة إقليم كردستان التي لم تكن ضاربة في القدم فهي مازالت فتية بالقياسات الفنية والإجرائية، ألا ان الوضع الأمني المستتب وجدية القائمين على العملية الاستثمارية في خلق فرص واعدة أولاً ومن ثم منح المستثمرين مغريات قادرة على جذبهم الى سوق العمل في الإقليم فضلاً عن القوانين المناسبة وجدية ورغبة العاملين، كلها تصب في بوتقة الاستثمار الواعد الناجح، إلا أن الهاجس الأمني يبقى الحلقة الأهم الذي يبدد مخاوف المستثمرين، فهم بحكم الوقائع لا يمكن ان يغامروا برؤوس أموالهم بالطريقة التي تفقدهم هامش الربح المحسوب سلفاً. وفي ظل المعطيات الحالية وحالة التجاذب السياسي والوضع الأمني الهش والصراعات الانتخابية غير المألوفة في بلدان العالم الأخرى يبقى الاستثمار خارج منطقة إقليم كردستان وخارج حسابات المستثمرين والشركات الأجنبية والعربية التي تنظر بعين الاهتمام الى الفرص الاستثمارية المتوفرة في بغداد والمحافظات غير المرتبطة بإقليم، إلا أنها تواجه عقبة الهاجس الأمني المرتبط حالياً بالتداعيات السياسية الانتخابية، وهي في واقع الحال تعطيل حقيقي للاستثمار وللتجربة الفتية التي أحوج ما تكون الى الدعم والاستمرار بخط بياني متصاعد وبوتائر عمل تتحرك في ضوئها جميع القطاعات الاقتصادية الأخرى . ولنا في تجربة إقليم كردستان مثالاً على الجدية والمنهجية والتطلع الى ولوج الأساليب المتطورة والمستخدمة في بلدان أخرى مع أعطاء التجربة العراقية خصوصية معينة، وسنعمد خلال الندوات والطاولات الاقتصادية التي دأبنا في (المدى الاقتصادي) على إقامته بشكل منتظم على عقد طاولة اقتصادية تخصصية في مجال الاستثمار في كردستان وسندعو اليها نخباً اقتصادية واستثمارية حكومية ومن القطاع الخاص سعياً للاطلاع عن كثب على آفاق العملية الاستثمارية ومديات الانجاز المتحقق وطبيعة الأساليب المعتمدة ومن خلال الحوار الهادف يمكن لنا ان نتوصل الى عملية تلاقحية للأفكار والرؤى في مجال الاستثمار بشكل يحقق فائدة وجدوى للمخططين والقائمين على عملية الاستثمار خارج إقليم كردستان للاستفادة من هذه التجربة التي حققت نجاحا ملحوظاً على الرغم من قصر الفترة وحداثة التجربة، إلا ان المسارات والجدية والحرص على نقل تجارب الآخرين وتحسين البنية التحتية والعمرانية والارتقاء بمستوى الخدمات وانجاز مشاريع مهمة في مختلف القطاعات الاقتصادية ولاسيما في مجال قطاع الإسكان، حيث مازالت تجربة بناء الوحدات السكنية مستمرة على وفق منهجية تصل الى سقف يعالج أزمة السكن الموجودة في الإقليم هي السمة البارزة لذلك، فلنا ان ننظر بإمعان الى تجربة كردستان الاستثمارية.
تجربة كردستان الاستثمارية
نشر في: 18 يناير, 2010: 05:11 م