TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شعار المرحلة: ماعندي

شعار المرحلة: ماعندي

نشر في: 13 فبراير, 2016: 09:01 م

امام  عشرات المكاتب في العاصمة بغداد المختصة بصرف رواتب  المتقاعدين ، تعكس ملامح وجوه كبار السن خيبة امل كبيرة  ، مع شعور بقلق مصحوب بمخاوف بأن الحكومة على الرغم من تصريحات المسؤولين  تبدو غير قادرة على توفير الموارد المالية لتغطية نفقات  مرتباتهم . وجه المتقاعد يعكس  شكلا آخر من بشاعة الأزمة  المالية ،  على الكرسي المتحرك يتوجه من منزله الى المكتب القريب في الحي السكني ليكرر سؤاله ، عمي وصل  الراتب ؟ من خلف الواجهة الزجاجية  يأتيه الجواب بصوت مرتفع ، ماكو سيولة في المصارف ، العبارة الاخيرة  يسمعها المتقاعد على مضض  كأنها صفعة تنهال على وجهه ، فيضطر الى العودة لمنزله مع استعداد لتلقي صفعة اخرى في اليوم التالي .
 المتقاعدون المشتركون بخيبة الامل  جراء عدم صرف رواتبهم ، تعكر مزاجهم ،  تجمعاتهم اليومية امام  المكاتب وفرت لهم فرصة الخوض  في احاديث طويلة تستعرض معاناتهم ، ليس فيها ما يبعث على التفاؤل والامل القريب في تحقيق الفرج ، الجميع وصل الى قناعة اكيدة بأن الايام المقبلة  ستكون عصيبة ، في ظل انعدام وجود جهة تضغط على الحكومة ، لكي تنظر الى المتقاعدين بعين العطف والرحمة ، ملل  الانتظار يكون  سببا لتوجيه  النقد من النوع الثقيل   الى قادة النخب السياسية المشاركة في الحكومة لانها على حد قول المتقاعد ابو ليث  اصل البلاء في هذا الداء .
المتقاعد ابو ليث دعا زملاءه الى رفع شعار المرحلة "ماعندي" حتى في رد السلام ، لاعتقاده بان المفردة تختزل الاوضاع الاقتصادية الراهنة ، وعجز الحكومة عن توفير مرتبات موظفيها جراء ممارسات خاطئة على مدى السنوات الماضية ، العراقي اليوم اصبح يحمل كنية  "ابو ماعندي" لا حول له ولا قوة امام  قرارات القيادة الحكيمة  الداعية الى الاصلاح والتقشف وشد البطون لحين الخروج بسلام واقل الخسائر من الازمة المالية .
  جملة "ماكو سيولة" جعلت اصحاب الارصدة في المصارف الاهلية والحكومية يلعنون الساعة السودة يوم تعاملوا مع تلك المصارف ،  المراجعات اليومية للحصول على جزء قليل من مبالغهم تجبرهم على الانتظار ساعات طويلة بلا جدوى ، الجهة الرسمية ممثلة بالبنك المركزي لم  يصدر منها موقف واضح لمعالجة المشكلة ، البنك المركزي استسلم للقدر ورفع هو الاخر شعار المرحلة .
في زمن فرض العقوبات الاقتصادية على العراق ، اصدرت  وزارة التربية  كتابا عممته على مديرياتها في بغداد لحضور لقاء مباشر مع الوزير ، لبحث سبل تطوير العملية التربية. تضمن الكتاب ملاحظة تنص على عدم اثارة مشكلة تدني مرتبات المعلمين والمدرسين ، مع تشديد العقوبة بحق المخالفين . اثناء اللقاء طرح مدير مدرسة مشكلة الرواتب ، فأثار ضجة في القاعة ، تدارك الموقف بالحديث عن تأخر وصول قوائم الرواتب فأنقذ نفسه  من العقوبة ، لكنه حصل على إشادة الحاضرين ، السلام عليكم ، ما عندي  .    

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram