الذين يُظهرون غيرة جدّ مفرطة على الدين والأخلاق والتقاليد والأعراف والنواميس .. إلى آخر القائمة الطويلة، لا حدود لفنونهم في التعبير عن هذه الغيرة.
إنهم لا ينامون ليلهم حتى يخطّوا على الحيطان دعواتهم "المباركة"، أو تهديداتهم، بالأحرى، لإرغام المسيحيّات والصابئيّات والإيزيديّات على ارتداء الحجاب (لا أدري لماذا ينسون المسلمات السافرات، وهنّ الأكثرية!).
إنهم يتفننون كذلك في طرقهم ووسائلهم لإجبار المسيحيين والإيزيديين من باعة المشروبات الكحولية، حتى المرخّصين منهم، على دفع الأتاوات لهم بالدفاتر (عشرات آلاف الدولارات) بحجة أوبأخرى ، ومنها مثلاً دعم الحشد الشعبي ! وإلّا عرّضوا (الباعة) أنفسهم للقتل، أو في أحسن الأحوال لإغلاق دكاكينهم ونواديهم الليلية.
وهذه الأيام يتحمّس هؤلاء الجاعلون من أنفسهم قيّمين على الدين والأخلاق والتقاليد، لتكفير المحتفلين بعيد الحب (فالنتاين داي)، بدعوى أنه يشجّع على نشر الرذيلة والفساد والفجور!
يفعلون هذا كله وغيره، لكنهم لا يرفّ لهم جفن أبداً إذ يسرق وزراؤهم ونوّابهم ومعمموهم مليارات الدولارات من المال العام والخاص، ولا يتحرك لهم طرف إذ تغرق مدننا، بما فيها المدن المقدسة بأضرحة الأئمة، بالمخدرات وتنتشر فيها شبكات الدعارة !.. هم لا يرون في هذا فسقاً وفجوراً ورذيلة أو خروجاً على الدين وتجاوزاً على الأخلاق والتقاليد والأعراف والنواميس ... نهب المال العام والخاص حلال والمتاجرة بالمخدرات وبالجنس حلال، والدليل أن هؤلاء القيّمين على الدين والأخلاق والتقاليد لا يخطّون شعاراً ضدهما على الحيطان ولا يشاركون في تظاهرة تطالب بمكافحة الفساد الإداري والمالي، ولا يحتجّون عليه داخل أحزابهم الإسلامية وهيئاتهم الدينية .. أعياد الحب والميلاد وما شابهها هي وحدها الحرام!
بالطبع هم لا يعرفون قصّة عيد الحب.. إنهم فقط من يسمعون من روزخونية الدرجة الرابعة والخامسة إنه عيد محرّم. وقصة العيد التي لا يعرفونها، كما جاءت في بعض الروايات، هي أن الإمبراطور الروماني كلوديس الثاني ( القرن الثالث الميلادي) أصدر قانوناً يمنع بموجبه الشبان من الزواج، لأنه كان يريد جيشاً قوياً لا يندحر في الحروب، وكان يعتقد أن الشبان المتزوجين يكونون أقلّ كفاءة من أقرانهم غير المتزوجين، لكنّ قسّاً مسيحيّاً يُدعى فالنتاين لم يكن يوافق الإمبراطور فراح يزوّج الشبان ويباركهم في السرّ، فافتضح أمره عند الإمبراطور الذي عدّه خائنا فسجنه ثم حكم عليه بالإعدام، وأُعدم.
وعيد الحب الذي يجري الاحتفال به سنوياً في الرابع عشر من شباط هو في الأساس لتمجيد ذكرى ذلك القسّ الشجاع الذي تحدّى الإمبراطور، وأراد للحياة والحب أن ينتصرا على الموت والكراهية. ثم تحوّلت الاحتفالات السنوية بذكرى إعدام ذلك القس الشريف إلى يوم عالمي للحب، مثله مثل يوم السلام العالمي أو يوم المرأة أو يوم الأم أو يوم مناهضة التمييز العنصري.
قصة كهذه وتقليد كهذا لا يروقان لروزخونيتنا وأتباعهم الجهلة، فيحاربونها بتلفيق التهم ضدها وضد المحبّين الذين وجدوا في "فالنتاين داي" فرصة للتعبير عن أجمل المشاعر والعواطف الإنسانية وأرقاها.
عسى كل أيام البشر أيام حبّ وسلام ووئام، وعسى الورد الأحمر يغطّي خطوط الطول والعرض لكوكبنا كلها في هذا اليوم، وكل يوم.
عسى كلّ الأيام "فالنتاين داي"
[post-views]
نشر في: 13 فبراير, 2016: 09:01 م
جميع التعليقات 2
د عادل على
لمادا تقدم العالم الاول؟؟؟؟المقصود اوروبا وامريكا الشماليه واستراليا ونيوزيلندا-------هناك بدات الثورة الصناعيه وتقدم العلم وكلنا نشاهد التطور السريع فى كل مضامير الحياة----هل تقدم العالم الاول لانه اعتبر الحجاب عاملا للتاخر وليس التقدم؟؟؟؟
بغداد
دائماً الرجل الشجاع يفرض احترامه وهيبته للناس وغصبا على عيون المنافقين الجبناء وانت ايها الكاتب الشجاع يا استاذ عدنان حسين نحترمك ونحبك على شجاعتك في الكتابة الصريحة الواضحة بلا لف ولا رموز غامضة ولا دوران انك دائماً تضع النقاط على الحروف وتدق بقلمك رؤوس