لم تكن بغداد على مدى تاريخها إلا مدينة متحضرة متطورة نظيفة، تغوي الجميع للتغزل بها وكانها أميرة غافية على ضفة نهر ساحر. مدينة لم تعرف الكسل والجمود تعيش تحت اشعة الشمس الذهبية ناسجة علاقات اجتماعية عميقة بين ساكنيها في الضفتين، والذي كانوا يتسا
لم تكن بغداد على مدى تاريخها إلا مدينة متحضرة متطورة نظيفة، تغوي الجميع للتغزل بها وكانها أميرة غافية على ضفة نهر ساحر. مدينة لم تعرف الكسل والجمود تعيش تحت اشعة الشمس الذهبية ناسجة علاقات اجتماعية عميقة بين ساكنيها في الضفتين، والذي كانوا يتسامرون بلقاءاتهم في احد امكنة بغداد الاثيرة والمتمثل ببارك السعدون الذي يعود تاريخ انشائه الى الثلاثينيات من القرن الماضي، فقد اقامته السلطات البريطانية ليكون مكانا ترفيهيا مريحا ترتاده عوائل الخبراء الانكليز العاملين في بغداد انذاك، ويتكون هذا المتنزه الترفيهي من أربع حدائق كبيرة متداخلة، كل حديقة تتميز عن الاخرى بأشجارها وزهورها، حيث زرعت بشكل هندسي جميل، تجد فيه أشجار الصنوبر والرارنج والنخيل والسدر (النبك) وتمر الهند وزرع الياس والياسمين وورود الجوري والقداح والدفلة بأنواعها المتنوعة الملونة الجميلة، حتى بات البارك في فترات ماضية متنفسا كبيرا للعائلة البغدادية على مر العقود، لكن يد الاهمال والقسوة امتدت اليه وحولته الى خراب وارض جرداء مليئة بالبرك والمستنقعات.
(عصاري) المتنزه
ام هيثم معلمة متقاعدة قضت قرابة خمسين عاما من عمرها في المنطقة استذكرت كيف كان البارك في السابق حيث تتوافد العوائل البغدادية اليه ايام الاعياد والمناسبات والعطل، مشيرة الى (عصاري) البارك التي كانت سببا بتعارف عشرات العوائل انتهت بعضها بحالات زواج. ام هيثم نوهت انها تعرفت على زوجها في عصرية ربيعية وتحديدا في العطلة الربيعية لينتهي ذاك التعارف بالزواج. لكنها رغم ذلك الاستذكار لم تستطع ان تخفي وجعها وهي ترى حال المتنزه بالصورة الحالية البائسة التي لاتسر احداً.
اسطوانة قديمة
حيدر الخياط طالب جامعي يسكن قرب جامع الخضيري في منطقة بارك السعدون بين انه قبل فترة جاءت آليات أمانة العاصمة وقامت برفع ما تبقى من ألعاب، كان يلهو بها أطفال المنطقة. مضيفا: أن البارك تحول إلى ساحة جرداء من أتربة وأوساخ، لقد جزعنا من هذه "الأسطوانة القديمة" ان الامانة تعمل على ترميم وتأهيل البارك لكن للأسف دون أي أثر لذلك. نريد أن تعود الحدائق والعاب الاطفال كي يعود البارك متنفسا للعائلة البغدادية.
حملة عمل تطوعي
المهندس الزراعي ضرغام حسن ذكر ان بارك السعدون يتكون من أربع حدائق٬ لكل حديقة مواصفاتها الخاصة من حيث الورود والأزهار والأشجار ومصاطب الجلوس التي كانت تغري الزئرين. لافتا: أن هناك مكانا معبدا وسط البارك ليكون ملاعب للأطفال ولأصحاب الدراجات الهوائية والنارية.
حسن بيّن انه بالامكان الآن إعادة بعض بريق هذا المتنزه فالامر لايحتاج الى ميزانية انفجارية أو تخصيصات مالية كبيرة، بقدر ما يحتاج الى حملة عمل جماعي بين أمانة العاصمة وتعاون المواطنين. مردفا: إن آليات امانة بغداد تكفي لذلك الغرض وان تطلب الامر يمكن الاستعانة بآليات المحافظة والجهد الهندسي لاي وزارة اخرى او الاعلان عن حملة عمل تطوعي لمن يرغب بذلك.
